للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ عَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْقِبْلَةُ فَلَمْ يَعْرِفُوا شَطْرَهَا فَصَلَّوْا عَلَى أَنْحَاءَ مُخْتَلِفَةٍ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ فَأَيْنَ وَلَّيْتُمْ وُجُوهَكُمْ فَهُنَالِكَ وَجْهِي وَهُوَ قِبْلَتُكُمْ فَيُعْلِمُكُمْ بِذَلِكَ أَنَّ صَلَاتَكُمْ مَاضِيَةٌ

وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ الْمَذْكُورِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَكِنْ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَقَالٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَلَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ تُقَوِّيهِ فَذَكَرهَا وَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِهَا وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا فَتَصْلُحُ للاحتجاج بها انتهى

وقال الحافظ بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَهَذِهِ الْأَسَانِيدُ فِيهَا ضَعْفٌ وَلَعَلَّهُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا انْتَهَى

وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ التَّوَجُّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ وَإِنَّمَا أَنْزَلَهَا لِيَعْلَمَ نَبِيُّهُ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ لَهُمُ التَّوَجُّهَ بِوُجُوهِهِمْ لِلصَّلَاةِ حَيْثُ شَاءُوا مِنْ نَوَاحِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لِأَنَّهُمْ لَا يُوَجِّهُونَ وُجُوهَهُمْ وَجْهًا مِنْ ذَلِكَ وَنَاحِيَةً إِلَّا كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ وَتِلْكَ النَّاحِيَةِ لِأَنَّ لَهُ تَعَالَى الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ وَأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هو معهم أينما كانوا قَالُوا ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْفَرْضِ الَّذِي فَرَضَ التوجه إلى المسجد الحرام قاله بن جرير

قال بن كَثِيرٍ وَفِي قَوْلِهِ وَأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ إِنْ أَرَادَ عِلْمَهُ تَعَالَى فَصَحِيحٌ فَإِنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ وَأَمَّا ذَاتُهُ تَعَالَى فَلَا تَكُونُ مَحْصُورَةً فِي شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا انْتَهَى

وَقَدْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ قَتَادَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ بِقَوْلِهِ وَيُرْوَى عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ إِلَخْ

وَفِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَقْوَالٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وغيرهما

قوله (أخبرنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ) بِتَقْدِيمِ الزَّايِ مُصَغَّرًا الْبَصْرِيُّ أَبُو مُعَاوِيَةَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنِ الثَّامِنَةِ (عَنْ سعيد) هو بن أَبِي عَرُوبَةَ

قَوْلُهُ (وَيُرْوَى عَنْ مُجَاهِدٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قال فثم قبلة الله قال الحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>