قَوْلُهُ (سَأَلْتَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قُلْتَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ نَعَمْ (كَانَا مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ مِنَ الْعَلَامَاتِ الَّتِي كَانُوا يَتَعَبَّدُونَ بِهَا (أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا) أَيْ عَنِ السَّعْيِ بَيْنَهُمَا (قَالَ) أَيْ أَنَسٌ (هُمَا تَطَوُّعٌ) أَيِ السَّعْيُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ أَنَسٍ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ الْعَيْنِيُّ قَالَ شَيْخُنَا زَيْنُ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ لِلتِّرْمِذِيِّ اخْتَلَفُوا فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلْحَاجِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ رُكْنٌ لَا يَصِحُّ الحج إلا به وهو قول بن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عنه وإسحاق وأبو ثور لقوله اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ
رَوَاهُ أَحْمَدُ والدّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَأةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَقَالَ عَبْدُ الْعَظِيمِ إِنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ
قال العيني قال بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى إِنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي تَجْرَأةَ مَجْهُولَةٌ وَقَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّهَا صَحَابِيَّةٌ وَكَذَلِكَ صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ صَحَابِيَّةٌ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِدَمٍ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ كَمَا حكاه بن الْعَرَبِيِّ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا وَاجِبٍ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ وَمُسْتَحَبٌّ وَهُوَ قَوْلُ بن عباس وبن سِيرِينَ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ وَمَنْ طَافَ فَقَدْ حَلَّ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ
قَوْلُهُ (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ) الْمَعْرُوفُ بِالصَّادِقِ (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال سمعت رسول الله حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ إِلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَاب مَا جَاءَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالصَّفَا قَبْلَ الْمَرْوَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute