للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجْزَ بِهِ أَيْ فِي الدُّنْيَا أَوِ الْعُقْبَى إِلَّا مَا شَاءَ مِمَّنْ شَاءَ (فَقَالَتْ) أَيْ عَائِشَةُ (مَا سَأَلَنِي عَنْهَا) أَيْ عَنْ هَذِهِ المسألة (منذ سألت رسول الله) أَيْ عَنْهَا (فَقَالَ هَذِهِ) إِشَارَةٌ إِلَى مَفْهُومِ الايتين المسؤول عَنْهُمَا أَيْ مُحَاسَبَةِ الْعِبَادِ أَوْ مُجَازَاتِهِمْ بِمَا يُبْدُونَ وَمَا يُخْفُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ (مُعَاتَبَةُ اللَّهِ الْعَبْدَ) أَيْ مُؤَاخَذَتُهُ الْعَبْدَ بِمَا اقْتَرَفَ مِنَ الذَّنْبِ (بِمَا يُصِيبُهُ) أَيْ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ صِلَةُ مُعَاتَبَةٍ وَيَصِحُّ كَوْنُ الْبَاءِ سَبَبِيَّةً (مِنَ الْحُمَّى) وَغَيْرِهَا مُؤَاخَذَةُ الْمُعَاتَبِ وَإِنَّمَا خُصَّتِ الْحُمَّى بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا مِنْ أَشَدِّ الْأَمْرَاضِ وَأَخْطِرْهَا

قَالَ فِي الْمَفَاتِيحِ الْعِتَابُ أَنْ يُظْهِرَ أَحَدُ الْخَلِيلِينَ مِنْ نَفْسِهِ الْغَضَبَ عَلَى خَلِيلِهِ لِسُوءِ أَدَبٍ ظَهَرَ مِنْهُ مَعَ أَنَّ فِي قَلْبِهِ مَحَبَّتَهُ يَعْنِي لَيْسَ مَعْنَى الْآيَةِ أَنْ يُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنَينَ بِجَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَلْ مَعْنَاهَا أَنَّهُ يُلْحِقُهُمْ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالْمَرَضِ وَالْحُزْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَكَارِهِ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا صَارُوا مُطَهَّرِينَ مِنَ الذُّنُوبِ

قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهَا فَهِمَتْ أَنَّ هَذِهِ مُؤَاخَذَةُ عِقَابٍ أُخْرَوِيٍّ فَأَجَابَهَا بِأَنَّهَا مُؤَاخَذَةُ عِتَابٍ فِي الدُّنْيَا عِنَايَةً وَرَحْمَةً انْتَهَى (وَالنَّكْبَةِ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيِ الْمِحْنَةِ وَمَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ (حَتَّى الْبِضَاعَةَ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَبِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَهِيَ بِالْكَسْرِ طَائِفَةٌ مِنْ مَالِ الرَّجُلِ (يَضَعُهَا فِي يَدِ قَمِيصِهِ) أَيْ كُمِّهِ سُمِّيَ بِاسْمِ مَا يُحْمَلُ فِيهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي كُمِّ قَمِيصِهِ (فَيَفْقِدُهَا) أَيْ يَتَفَقَّدُهَا وَيَطْلُبُهَا فَلَمْ يَجِدْهَا لِسُقُوطِهَا أَوْ أَخْذِ سَارِقٍ لَهَا مِنْهُ (فَيَفْزَعُ لَهَا) أَيْ يَحْزَنْ لضياع البضاعة فيكون كفارة كذا قاله بن الْمَلِكِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ يَعْنِي إِذَا وَضَعَ بِضَاعَةً فِي كُمِّهِ وَوَهَمَ أَنَّهَا غَابَتْ فَطَلَبَهَا وَفَزِعَ كَفَّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبَهُ وَفِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ مَا لَا يَخْفَي (حَتَّى) أَيْ لَا يَزَالُ يُكَرِّرُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحْوَالَ حَتَّى (إِنَّ الْعَبْدَ) قَالَ القارىء بكسر الهمزة وفي نسخة يعني في الْمِشْكَاةِ بِالْفَتْحِ وَأَظْهَرَ الْعَبْدَ مَوْضِعَ ضَمِيرِهِ إِظْهَارًا لِكَمَالِ الْعُبُودِيَّةِ الْمُقْتَضِي لِلصَّبْرِ وَالرِّضَا بِأَحْكَامِ الرُّبُوبِيَّةِ (لِيَخْرُجَ مِنْ ذُنُوبِهِ) بِسَبَبِ الِابْتِلَاءِ بِالْبَلَاءِ (كَمَا يَخْرُجُ التِّبْرُ الْأَحْمَرُ) التِّبْرُ بِالْكَسْرِ أَيِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَا دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فَإِذَا ضُرِبَا كَانَا عَيْنًا (مِنَ الْكِيرِ) بِكَسْرِ الْكَافِ متعلق بيخرج

قوله (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه بن جرير وبن أَبِي حَاتِمٍ قَوْلُهُ عَنْ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيِّ الْكُوفِيِّ وَالِدِ يَحْيَى صَدُوقٌ مِنَ السَّابِعَةِ

قَوْلُهُ (دَخَلَ قُلُوبَهُمْ) بِالنَّصْبِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى هَذَا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْهَا أَيْ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ (شَيْءٌ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ دَخَلَ أَيْ شَيْءٌ عَظِيمٌ مِنَ الْحُزْنِ (لَمْ يَدْخُلْ) أَيْ قُلُوبَهُمْ وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ لِشَيْءٍ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لَهُ (مِنْ شَيْءٍ) أَيْ مِنَ الْأَشْيَاءِ المحزنة (فقالوا للنبي) أَيْ ذَكَرُوا لَهُ مَا دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ (سَمِعْنَا) أَيْ مَا أَمَرْتنَا بِهِ سَمَاعَ قَبُولٍ (فَأَلْقَى اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ) أَيْ أَحْكَمَهُ وَأَرْسَخَهُ فِيهَا وَانْدَفَعَ مَا كَانَ دَخَلَهَا آمَنَ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>