عباس مالكم ولهذه الاية) إنكار من بن عَبَّاسٍ عَنِ السُّؤَالِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْوَجْهِ المذكور (ثم تلا بن عَبَّاسٍ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكتاب) أَيِ الْعَهْدَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ (لِتُبَيِّنُنَّهُ) أَيِ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ أَيْ طَرَحُوا الْمِيثَاقَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ فَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ وَاشْتَرَوْا بِهِ أَخَذُوا بَدَلَهُ ثَمَنًا قَلِيلًا مِنَ الدُّنْيَا مِنْ سَفَلَتِهِمْ بِرِيَاسَتِهِمْ فِي الْعِلْمِ فَكَتَمُوهُ خَوْفَ فَوْتِهِ عَلَيْهِمْ (فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) شِرَاءَهُمْ هَذَا
وفي تلاوة بن عَبَّاسٍ هَذِهِ الْآيَةَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ أخبر الله عنهم في الاية المسؤول عَنْهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ
الَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّ اللَّهَ ذَمَّهُمْ بِكِتْمَانِ الْعِلْمِ الَّذِي أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوهُ وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ (بما أتو) بفتح الهمزة والفوقية أي بما جاؤوا يَعْنِي بِاَلَّذِي فَعَلُوهُ (وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لم يفعلوا) أَيْ وَيُحِبُّونَ أَنْ يَحْمَدَهُمُ النَّاسُ عَلَى شَيْءٍ لم يفعلوه (سألهم النبي عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ) قَالَ الْحَافِظُ الشيء الذي سأل النبي عَنْهُ الْيَهُودَ لَمْ أَرَهُ مُفَسَّرًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ صِفَتِهِ عِنْدَهُمْ بِأَمْرٍ وَاضِحٍ فَأَخْبَرُوا عَنْهُ بِأَمْرٍ مُجْمَلٍ
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ (ليبيننه للناس ولا يكتمونه) قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي قَوْلِهِ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا قَالَ بِكِتْمَانِهِمْ مُحَمَّدًا وَفِي قَوْلِهِ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا
قَالَ قَوْلُهُمْ نَحْنُ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ (وَقَدْ أَرَوْهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ من الإراءة والضمير المنصوب للنبي (واستحمدوا) بفتح الفوقية مبينا لِلْفَاعِلِ أَيْ طَلَبُوا أَنْ يَحْمَدَهُمْ قَالَ فِي الْأَسَاسِ اسْتَحْمَدَ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ بِإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وإنعامه عليهم قاله القسطلاني
وقال العيني واستحمدوا عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ اسْتُحْمِدَ فُلَانٌ عِنْدَ فُلَانٍ أَيْ صَارَ مَحْمُودًا عِنْدَهُ وَالسِّينُ فِيهِ لِلصَّيْرُورَةِ انْتَهَى (بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتَابِهِمْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِيتَاءِ أَيْ أُعْطُوا وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ مَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ
قَالَ الْحَافِظُ قَوْلُهُ بِمَا أَتَوْا كَذَا للأكثر بالقصر بمعنى جاؤوا أَيْ بِاَلَّذِي فَعَلُوهُ وَلِلْحَمَوِيِّ بِمَا أُوتُوا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ أَيْ أُعْطُوا أَيْ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي كَتَمُوهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَرِحُوا بما عندهم من العلم وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ التِّلَاوَةَ الْمَشْهُورَةَ انْتَهَى (وَمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ) عَطْفٌ عَلَى مَا أُوتُوا وَالضَّمِيرُ المرفوع في سأل يرجع إلى النبي وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ عَنْهُ إِلَى مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute