يَصْبِرُ النَّفْسَ عَلَى تِلْكَ الْيَمِينِ أَيْ يَحْبِسُهَا عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ يَمِينَ صَبْرٍ بِالْإِضَافَةِ أَيْ أُلْزِمَ بِهَا وَحُبِسَ لَهَا شَرْعًا وَلَوْ حَلَفَ بِغَيْرِ إِحْلَافٍ لَمْ يَكُنْ صَبْرًا (فَأَدْخَلَ) أَيِ الْحَالِفُ (فِيهَا) أَيْ فِي تِلْكَ الْيَمِينِ (مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ رِيشِهَا
وَالْمُرَادُ أَقَلُّ قَلِيلٍ
وَالْمَعْنَى شَيْئًا يَسِيرًا مِنَ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَمِمَّا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ بَاطِنَهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ (إِلَّا جُعِلَتْ) أَيْ تِلْكَ الْيَمِينُ (نُكْتَةً) أَيْ سَوْدَاءَ أَيْ أَثَرًا قَلِيلًا كَالنُّقْطَةِ تُشْبِهُ الْوَسَخَ فِي نَحْرِ الْمَرْأَةِ وَالسَّيْفِ (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)
قَالَ الطِّيبِيُّ مَعْنَى الِانْتِهَاءِ أَنَّ أَثَرَ تِلْكَ النُّكْتَةِ الَّتِي هِيَ مِنَ الرَّيْنِ يَبْقَى أَثَرُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَبَالُهَا وَالْعِقَابُ عَلَيْهَا فَكَيْفَ إِذَا كَانَ كَذِبًا مَحْضًا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والحاكم وبن أَبِي حَاتِمٍ
قَوْلُهُ (عَنْ فِرَاسٍ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وبالراء هو بن يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْأَرْبَعَةَ أَعْنِي أَحَادِيثَ أَنَسٍ وَأَبِي بَكْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ذَكَرَهَا التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما وقد أطال الحافظ بن كَثِيرٍ الْكَلَامَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْقَوْلِ
فَذَكَرَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً تَتَعَلَّقُ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَقْوَالَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فِي حَدِّ الْكَبِيرَةِ فَمِنْ قَائِلٍ هِيَ مَا عَلَيْهِ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ مَا عَلَيْهِ وَعِيدٌ مَخْصُوصٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ الشَّهِيرِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute