أني لا أضيع عمل عامل منكم يَعْنِي لَا أُحْبِطُ عَمَلَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بَلْ أثيبكم عليه من ذكر أو أنثى يَعْنِي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ ذَكَرًا كان أو أنثى بعضكم من بعض يَعْنِي فِي الدِّينِ وَالنُّصْرَةِ وَالْمُوَالَاةِ وَقِيلَ كُلُّكُمْ مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَقِيلَ مِنْ بِمَعْنَى الْكَافِ أَيْ بَعْضُكُمْ كَبَعْضٍ فِي الثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْعِقَابِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ مِنِّي يَعْنِي عَلَى خُلُقِي وَسِيرَتِي وَقِيلَ إِنَّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ فِي الطَّاعَةِ عَلَى شَكْلٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي تَفْسِيرِ الْخَازِنِ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا سعيد بن منصور وبن جَرِيرٍ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ ثُمَّ قَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
وَقَدْ رَوَى بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بعض إلى آخرها رواه بن مَرْدَوَيْهِ
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ) اسْمُهُ سَلَامُ بْنُ سُلَيْمٍ الْحَنَفِيُّ (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (فَكَيْفَ) أَيْ حَالُ الْكُفَّارِ (إِذَا جئنا من كل أمة بشهيد) يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا وَهُوَ نَبِيُّهَا (وَجِئْنَا بِكَ) يَا مُحَمَّدُ (عَلَى هَؤُلَاءِ) أَيْ أُمَّتِكَ (شَهِيدًا) حَالٌ أَيْ شَاهِدًا عَلَى مَنْ آمَنَ بِالْإِيمَانِ وَعَلَى مَنْ كَفَرَ بِالْكُفْرِ وَعَلَى مَنْ نَافَقَ بِالنِّفَاقِ
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ الظفري أن ذلك كان وهو كان في بني ظفر أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النبي أتاهم في بني ظفر ومعه بن مَسْعُودٍ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَمَرَ قَارِئًا فَقَرَأَ فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَة فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هؤلاء شهيدا فَبَكَى حَتَّى ضَرَبَ لَحْيَاهُ وَوَجْنَتَاهُ فَقَالَ يَا رَبِّ هَذَا عَلَى مَنْ أَنَا بَيْنَ ظَهْرَيْهِ فكيف بمن لم أره
وأخرج بن الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ إِلَّا يُعْرَضُ على النبي أُمَّتُهُ غَدْوَةً وَعَشِيَّةً فَيَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَأَعْمَالِهِمْ فَلِذَلِكَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ فَفِي هَذَا الْمُرْسَلِ مَا يَرْفَعُ الإشكال الذي تضمنه حديث بن فَضَالَةَ كَذَا فِي الْفَتْحِ (غَمَزَنِي) الْغَمْزُ الْعَصْرُ وَالْكَبْسُ بِالْيَدِ أَيْ أَشَارَ بِالْيَدِ لِأَنْ يَمْتَنِعَ عَنِ الْقِرَاءَةِ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ حَسْبُكَ الْآنَ (وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ) وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ تَذْرِفَانِ أي تسيلان دمعا
قال بن بطال إنما بكى عِنْدَ تِلَاوَتِهِ هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ مَثَّلَ لِنَفْسِهِ أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَشِدَّةِ الْحَالِ الدَّاعِيَةِ لَهُ إِلَى شَهَادَتِهِ لِأُمَّتِهِ بِالتَّصْدِيقِ وَسُؤَالِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute