مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّغْلِيسَ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَعُدْ إِلَى أَنْ يُسْفِرَ قَالَ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي شَرْحِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهَذَا إِسْنَادٌ رُوَاتُهُ عَنْ آخِرِهِ ثِقَاتٌ وَالزِّيَادَةُ عَنِ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ
وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَرَأَوْا التَّغْلِيسَ أَفْضَلَ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَعَنِ بن مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَمِنَ التَّابِعِينَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ انْتَهَى
قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَازِمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِ السُّنَنِ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا رُؤْيَتَهُ لِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي قِصَّةِ الْإِسْفَارِ رُوَاتُهَا عَنْ آخِرِهِمْ ثِقَاتٌ وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ وقال الخطابي هو صحيح الإسناد وقال بن سَيِّدِ النَّاسِ إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ رِجَالُهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ
فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يَكُونُ إِسْنَادُ أَبِي مَسْعُودٍ الْمَذْكُورِ صَحِيحًا أَوْ حَسَنًا وَفِيهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَرَاجَعَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ إِذَا تَدَبَّرْتَ حَدِيثَهُ تَعْرِفُ فِيهِ النُّكْرَةَ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ تُرِكَ حَدِيثُهُ بِأَخَرَةٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ كَذَا فِي الْمِيزَانِ
وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ ثِقَةٌ فَزِيَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ شَاذَّةٌ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فَإِنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهَا وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذِهِ الزِّيَادَةَ غَيْرَهُ وَالثِّقَةُ إِذَا خَالَفَ الثِّقَاتِ فِي الزِّيَادَةِ فَزِيَادَتُهُ لَا تُقْبَلُ وَتَكُونُ غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ
قُلْتُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَإِنْ تُكُلِّمَ فِيهِ لَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ ثِقَةٌ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ قَالَ إِمَامُ هَذَا الشَّأْنِ يَحْيَى بْنُ معين ثقة حجة وقال بن عَدِيٍّ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْمِيزَانِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِهِ ذِكْرُ أَسْمَاءِ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَهُوَ مُوَثَّقٌ حَيْثُ قَالَ فِيهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ لَا الْعَدَوِيُّ صَدُوقٌ قَوِيُّ الْحَدِيثِ أَكْثَرَ مُسْلِمٌ إِخْرَاجَ حديث بن وَهْبٍ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهَا شَوَاهِدُ أَوْ مُتَابَعَاتٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ثِقَةٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ انْتَهَى وَأَمَّا قَوْلُ أَحْمَدَ إِذَا تَدَبَّرْتَ حَدِيثَهُ تَعْرِفُ فِيهِ النُّكْرَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ الْإِطْلَاقَ بَلْ أَرَادَ حَدِيثَهُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ فَفِي الْجَوْهَرِ النَّقِيِّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَوَى عَنْ نَافِعٍ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ
فقال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute