بِالشِّرْكِ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّيْمِيُّ فِي شَرْحِهِ خَلْطُ الْإِيمَانِ بِالشِّرْكِ لَا يُتَصَوَّرُ فَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُمُ الصِّفَتَانِ كُفْرٌ مُتَأَخِّرٌ عَنْ إِيمَانٍ مُتَقَدِّمٍ أَيْ لَمْ يَرْتَدُّوا أَوْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا ظاهرا أو باطنا أي لَمْ يُنَافِقُوا وَهَذَا أَوْجَهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ (شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّلْمِ مُطْلَقُ الْمَعَاصِي كَمَا يَتَبَادَرُ إِلَى الْفَهْمِ لَا سِيَّمَا مِنَ التَّنْكِيرِ الَّذِي يُفِيدُ الْعُمُومَ (وَأَيُّنَا) كَلَامٌ إِضَافِيٌّ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ (لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ) خبره (قال) أي رسول الله (لَيْسَ ذَلِكَ) أَيْ لَيْسَ مَعْنَاهُ كَمَا فَهِمْتُمْ (إِنَّمَا هُوَ) أَيِ الظُّلْمُ (الشِّرْكُ) فَفِي التَّنْكِيرِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ الْكُفْرِ أَوْ أُرِيدَ بِهِ التَّعْظِيمُ أَيْ بِظُلْمٍ عَظِيمٍ (أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ إِلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي لُقْمَانَ كَانَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَهُمْ وَلِذَلِكَ نَبَّهَهُمْ عَلَيْهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل إن الشرك لظلم عظيم
قَالَ الْحَافِظُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُهَا وَقَعَ فِي الْحَالِ فَتَلَاهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ نَبَّهَهُمْ فَتَلْتَئِمُ الروايتان
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قَوْلُهُ (فَقَالَتْ يَا أَبَا عَائِشَةَ) هُوَ كُنْيَةُ مَسْرُوقٍ (ثَلَاثٌ) أَيْ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ (فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيِ الْكَذِبَ يُقَالُ فَرَى الشَّيْءَ يَفْرِيه فَرِيًّا وَافْتَرَاهُ يَفْتَرِيه افْتِرَاءً إِذَا اخْتَلَقَهُ وَجَمْعُ الْفِرْيَةِ فِرًى (مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ أَيْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ) هَذَا هو مذهب عائشة أن رسول الله لَمْ يَرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ
قَالَ الْحَافِظُ قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي رُؤْيَةِ النبي ربه فذهبت عائشة وبن مَسْعُودٍ إِلَى إِنْكَارِهَا وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى إِثْبَاتِهَا وَحَكَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّ محمدا رأى ربه
وأخرج بن خُزَيْمَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ إِثْبَاتَهَا وَكَانَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ إِذَا ذَكَرَ لَهُ إِنْكَارَ عَائِشَةَ وبه قال سائر أصحاب بن عَبَّاسٍ وَجَزَمَ بِهِ كَعْبُ الْأَخْبَارِ وَالزُّهْرِيُّ وَصَاحِبُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute