قَوْلُهُ حُرِمْنَا عَنِ التَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ إِذْ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَا مَنْفَعَةَ لَنَا فِي الْعُقُولِ وَالْبَصَائِرِ حَيْثُ حُرِمْنَا عَنِ التَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ
وَالْحَقُّ أَنْ تُحْمَلَ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَلَا يُقْدَمُ عَلَى الطَّعْنِ فِيهَا بِأَنَّهَا آحَادٌ لِمُخَالَفَتِهَا لِمُعْتَقَدِ أَحَدٍ وَمَنْ أَقْدَمَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ حُرِمَ خَيْرًا كَثِيرًا وَخَالَفَ طَرِيقَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُثْبِتُونَ خَبَرَ وَاحِدٍ عَنْ واحد عن النبي وَيَجْعَلُونَهُ سُنَّةً حُمِدَ مَنْ تَبِعَهَا وَعِيبَ مَنْ خَالَفَهَا انْتَهَى
(وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أَيْ مِنَ الطَّاعَاتِ (يَعْمَلُونَ) إِمَّا فِي جَمِيعِ عُمْرِهِمْ أَوْ فِي خَاتِمَةِ أَمْرِهِمْ (فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ) أَيْ إِذَا كَانَ كَمَا ذَكَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ سَبْقِ الْقَدَرِ فَفِي أَيِّ شَيْءٍ يُفِيدُ الْعَمَلُ أَوْ بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ الْعَمَلُ أَوْ فَلِأَيِّ شَيْءٍ أُمِرْنَا بِالْعَمَلِ (اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أَيْ جَعَلَهُ عَامِلًا بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَوَفَّقَهُ لِلْعَمَلِ بِهِ (حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَمَلٍ مُقَارَنٍ بِالْمَوْتِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الموطأ وأحمد والنسائي وبن أبي حاتم وبن جرير وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُمْ (وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ إِلَخْ)
قال الْحَافِظُ بن كَثِيرٍ وَكَذَا قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ زَادَ أَبُو حَاتِمٍ وَبَيْنَهُمَا نُعَيْمُ بْنُ رَبِيعَةَ
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصَفَّى عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ جُعْثُمٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ كُنْتَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدم من ظهورهم ذريتهم فذكر وَقَالَ الْحَافِظُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَدْ تَابَعَ عُمَرَ بْنَ جُعْثُمٍ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو فَرْوَةَ الرَّهَاوِيُّ وَقَوْلُهُمَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ
قال بن كَثِيرٍ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا إِنَّمَا أَسْقَطَ ذِكْرَ نُعَيْمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَمْدًا لَمَّا جَهِلَ حال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute