للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَدْرٍ

وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَضَى كَانُوا يَغْزُونَ وَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَ أَعْدَائِهِمْ وَأَسْلَابِهِمْ لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بَلْ يَجْمَعُونَهَا وَعَلَامَةُ قَبُولِ غَزْوِهِمْ ذَلِكَ أَنْ تَنْزِلَ النَّارُ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلَهَا وَعَلَامَةُ عَدَمِ قَبُولِهِ أَنْ لَا تَنْزِلَ

وَمِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الْقَبُولِ أَنْ يَقَعَ فِيهِمُ الْغُلُولُ وَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَرَحِمَهَا لِشَرَفِ نَبِيِّهَا عِنْدَهُ فَأَحَلَّ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ وَسَتَرَ عَلَيْهِمُ الْغُلُولَ فَطَوَى عَنْهُمْ فَضِيحَةَ أَمْرِ عَدَمِ الْقَبُولِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِهِ تَتْرَى وَدَخَلَ فِي عُمُومِ أَكْلِ النَّارِ الْغَنِيمَةَ السَّبْيُ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ إِهْلَاكُ الذُّرِّيَّةِ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ النِّسَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاؤُهُمْ مِنْ تَحْرِيمِ الْغَنَائِمِ عَلَيْهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ عَبِيدٌ وَإِمَاءٌ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُمُ السَّبْيُ لَمَا كَانَ لَهُمْ أَرِقَّاءُ وَيُشْكِلُ عَلَى الْحَظْرِ أَنَّهُ كَانَ السَّارِقُ يُسْتَرَقُّ كَمَا فِي قِصَّةِ يُوسُفَ وَلَمْ أَرَ مَنْ صرح بذلك انتهى

قوله (عن عمرو بن مرة) هو بن عبد الله بن طارق الجعلي

قَوْلُهُ (فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةً) قَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا فِي بَابِ الْمَشُورَةِ مِنْ أَبْوَابِ الْجِهَادِ (لَا يَنْفَلِتَنَّ أَحَدٌ) أَيْ لَا يَتَخَلَّصَنَّ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ الْأُسَارَى (وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِقَوْلِ عُمَرَ) أَيْ نَزَلَ الْقُرْآنُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ عُمَرَ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى أَيْ مَا كَانَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لِنَبِيٍّ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ

وَالْمَعْنَى مَا كَانَ لنبي أن يحبس كافرا قدر عليه وسار فِي يَدِهِ أَسِيرًا لِلْفِدَاءِ وَالْمَنِّ

وَالْأَسْرَى جَمْعُ أَسِيرٍ وَأُسَارَى جَمْعُ الْجَمْعِ حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ الْإِثْخَانُ فِي كُلِّ شَيْءٍ عِبَارَةٌ عَنْ قُوَّتِهِ وَشِدَّتِهِ يُقَالُ أَثْخَنَهُ الْمَرَضُ إِذَا اشْتَدَّتْ قُوَّتُهُ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى حَتَّى يُبَالِغَ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَيَغْلِبَهُمْ وَيَقْهَرَهُمْ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ فَلَهُ أن يقدم على الأسر

<<  <  ج: ص:  >  >>