الْمَثَانِي انْتَهَى
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمَثَانِي السُّورَةُ الَّتِي تَقْصُرُ عَنِ الْمِئِينَ وَتَزِيدُ عَلَى الْمُفَصَّلِ كأن المئين جعلت مبادىء والَّتِي تَلِيهَا مَثَانِيَ (وَإِلَى بَرَاءَةٌ) هِيَ سُورَةُ التَّوْبَةِ وَهِيَ أَشْهَرُ أَسْمَائِهَا وَلَهَا أَسْمَاءٌ أُخْرَى تَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ (وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ) أَيْ ذَوَاتِ مِائَةِ آيَةٍ
قَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَوَّلُ الْقُرْآنِ السَّبْعُ الطُّوَلُ ثُمَّ ذَوَاتُ الْمِئِينَ أَيْ ذَوَاتُ مِائَةِ آيَةٍ ثم المثاني ثم المفصل انتهى
والمئين جَمْعُ الْمِائَةِ وَأَصْلُ الْمِائَةِ مَأْيٌ كَمَعْيٍ وَالْيَاءُ عوضا عَنِ الْوَاوِ وَإِذَا جَمَعْتَ الْمِائَةُ قُلْتَ مِئُونَ وَلَوْ قُلْتَ مِئَاتٌ جَازَ (فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ) تَقْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ وَتَوْجِيهُ السُّؤَالِ أَنَّ الْأَنْفَالَ لَيْسَ مِنَ السَّبْعِ الطَّوَلِ لِقِصَرِهَا عَنِ الْمِئِينَ لِأَنَّهَا سَبْعٌ وَسَبْعُونَ آيَةً وَلَيْسَتْ غَيْرَهَا لِعَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهَا وبين براءة (كان رسول الله مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ) أَيِ الزَّمَانُ الطَّوِيلُ وَلَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَرُبَّمَا يَأْتِي عَلَيْهِ الزمان (وهو) أي النبي وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (يُنْزَلُ عَلَيْهِ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ) يَعْنِي مِنَ الْقُرْآنِ (دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ) أَيِ الْوَحْيَ كَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِمَا (فَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَيَقُولُ ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا) هَذَا زِيَادَةُ جَوَابٍ تَبَرَّعَ بِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ الْآيَاتِ تَوْقِيفِيٌّ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ وَالنُّصُوصُ الْمُتَرَادِفَةُ
وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّوَرِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا فِي الْإِتْقَانِ (وَكَانَتْ بَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ) أَيْ نُزُولًا كَمَا فِي رِوَايَةٍ أَيْ فَهِيَ مَدَنِيَّةٌ أَيْضًا وَبَيْنَهُمَا النِّسْبَةُ التَّرْتِيبِيَّةُ بِالْأَوَّلِيَّةِ وَالْآخِرِيَّةِ فَهَذَا أَحَدُ وُجُوهِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (وَكَانَتْ قِصَّتُهَا) أَيِ الْأَنْفَالِ (شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا) أَيْ بَرَاءَةٍ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ وَوَجْهُ كَوْنِ قِصَّتِهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا أَنَّ فِي الْأَنْفَالِ ذِكْرُ الْعُهُودِ وَفِي بَرَاءَةٍ نَبْذُهَا فَضُمَّتْ إِلَيْهَا (فَظَنَنْتَ أَنَّهَا) أَيِ التَّوْبَةَ (مِنْهَا) أَيِ الْأَنْفَالِ وَكَأَنَّ هَذَا مُسْتَنَدُ مَنْ قَالَ إِنَّهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ ما أخرجه أبو الشيخ عن دوق وأبو يعلى عن مجاهد وبن أبي حاتم عن سفيان وبن لَهِيعَةَ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ بَرَاءَةٌ مِنَ الْأَنْفَالِ وَلِهَذَا لَمْ تُكْتَبِ الْبَسْمَلَةُ بَيْنَهُمَا مَعَ اشْتِبَاهِ طرقهما ورد بتسمية النبي كُلٍّ مِنْهُمَا بِاسْمٍ مُسْتَقِلٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute