للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ مُسْتَوْلِيًا عَلَى هَذَا السَّحَابِ الَّذِي خَلَقَ مِنْهُ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا وَالضَّمِيرُ فِي فَوْقِهِ يَعُودُ إِلَى السَّحَابِ وَكَذَلِكَ تَحْتَهُ أَيْ كَانَ مُسْتَوْلِيًا عَلَى هَذَا السَّحَابِ الَّذِي فَوْقَهُ الْهَوَاءُ وَتَحْتَهُ الْهَوَاءُ وَرُوِيَ بِلَفْظِ الْقَصْرِ فِي الْعَمَى

وَالْمَعْنَى عَدَمُ مَا سِوَاهُ كَأَنَّهُ قَالَ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ بَلْ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ عَدَمًا عَمًى لَا مَوْجُودًا وَلَا مُدْرَكًا وَالْهَوَاءُ الْفَرَاغُ أَيْضًا الْعَدَمُ كَأَنَّهُ قَالَ كَانَ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ وَلَا فَوْقَ وَلَا تَحْتَ انْتَهَى

قُلْتُ إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَمًى بِالْقَصْرِ فَلَا إِشْكَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ حِينَئِذٍ فِي مَعْنَى حَدِيثِ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَمَاءً بِالْمَدِّ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَأْوِيلٍ بَلْ يُقَالُ نَحْنُ نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نُكَيِّفُهُ بِصِفَةٍ أَيْ نُجْرِي اللَّفْظَ عَلَى مَا جَاءَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ كَمَا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَخَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ

قَالَ الْحَافِظُ قَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أبي رزين العقلي مَرْفُوعًا إِنَّ الْمَاءَ خُلِقَ قَبْلَ الْعَرْشِ

وَرَوَى السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ بِأَسَانِيدَ مُتَعَدِّدَةٍ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا مِمَّا خَلَقَ قَبْلَ الْمَاءِ

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ أَوَّلِيَّةَ الْقَلَمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عَدَا الْمَاءِ وَالْعَرْشِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ مِنَ الْكِتَابَةِ أَيْ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ اكْتُبْ أَوَّلَ مَا خلق انتهى

قوله (قال أحمد) أي بن منيع (قال يزيد) أي بن هَارُونَ فِي تَفْسِيرِ الْعَمَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ (الْعَمَاءُ أَيْ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ) كَذَا فَسَّرَ يَزِيدُ الْعَمَاءَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْعَمَاءَ بِالْمَدِّ هُوَ السَّحَابُ الرَّقِيقُ وَالْعَمَى بِالْقَصْرِ بِمَعْنَى لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ

قَوْلُهُ (هذا حديث حسن) وأخرجه أحمد وبن مَاجَهْ

قَوْلُهُ (إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُمْلِي) مِنَ الْإِمْلَاءِ

قَالَ فِي الْقَامُوسِ أَمْلَاهُ اللَّهُ أَمْهَلَهُ (حَتَّى إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>