الْقَبْرِ فَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ
قال الْكَرَمَانِيُّ لَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ عَذَابِ الْقَبْرِ فَلَعَلَّهُ سَمَّى أَحْوَالَ الْعَبْدِ فِي قَبْرِهِ عَذَابَ الْقَبْرِ تَغْلِيبًا لِفِتْنَةِ الْكَافِرِ عَلَى فِتْنَةِ الْمُؤْمِنَ لِأَجْلِ التَّخْوِيفِ وَلِأَنَّ الْقَبْرَ مَقَامُ الْهَوْلِ وَالْوَحْشَةِ
وَلِأَنَّ مُلَاقَاةَ الْمَلَائِكَةِ مِمَّا يَهَابُ منه بن آدَمَ فِي الْعَادَةِ (إِذَا قِيلَ لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ الْقَبْرِ (مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّك) فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا أَزَالَ اللَّهُ الْخَوْفَ عَنْهُ وَثَبَّتَ لِسَانَهُ فِي جَوَابِ الْمَلَكَيْنِ فَيَقُولُ رَبِّي اللَّهُ وَدِينِي الْإِسْلَامُ وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ
قَوْلُهُ (يوم تبدل الأرض غير الأرض) قَالَ صَاحِبُ فَتْحِ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ (يَوْمَ) أَيِ اذْكُرْ وَارْتَقِبْ يَوْمَ (تُبَدَّلُ الأرض) المشاهدة (غير الأرض) وَالتَّبْدِيلُ قَدْ يَكُونُ فِي الذَّاتِ كَمَا فِي بَدَّلْتُ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ وَقَدْ يَكُونُ فِي الصِّفَاتِ كَمَا فِي بَدَّلْتُ الْحَلْقَةَ خَاتَمَك وَالْآيَةُ تَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ وَبِالثَّانِي قَالَ الْأَكْثَرُ وَالسَّمَاوَاتُ أَيْ وَتُبَدَّلُ السَّمَاوَاتُ غَيْرَ السَّمَاوَاتِ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَرَّ وَتَقْدِيمُ تَبْدِيلِ الْأَرْضِ لِقُرْبَانِهَا وَلِكَوْنِ تَبْدِيلِهَا أَعْظَمَ أَثَرًا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا
أخرج مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ
قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ أَنَا أَوَّلُ مَنْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ قُلْتُ أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ قَالَ عَلَى الصِّرَاطِ
وَالصَّحِيحُ عَلَى هَذَا إِزَالَةُ عَيْنِ هَذِهِ الْأَرْضِ
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ وبن المنذر والطبراني في في الأوسط والبيهقي وبن عساكر وبن مردويه عن بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غير الأرض
قَالَ أَرْضٌ بَيْضَاءُ كَأَنَّهَا فِضَّةٌ لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ حَرَامٌ وَلَمْ يُعْمَلْ بِهَا خَطِيئَةٌ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ
وَفِي الْبَابِ رِوَايَاتٌ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ وَفِيهِمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بيده
الحديث