قال الْحَافِظُ هُوَ كَلَامُ أبي عُبَيْدَةَ فِي أَوَّلِ مَجَازِ الْقُرْآنِ لَكِنْ لَفْظُهُ وَلِسُوَرِ الْقُرْآنِ أَسْمَاءٌ مِنْهَا أَنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ تُسَمَّى أُمَّ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ يُبْدَأُ بِهَا فِي أَوَّلِ الْقُرْآنِ وَتُعَادُ قِرَاءَتُهَا فَيُقْرَأُ بِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَبْلَ السُّورَةِ وَيُقَالُ لَهَا فَاتِحَةُ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ يُفْتَتَحُ بِهَا فِي الْمَصَاحِفِ فَتُكْتَبُ قَبْلَ الْجَمِيعِ انْتَهَى
وَبِهَذَا تَبَيَّنَ الْمُرَادُ مِمَّا اخْتَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ
وَقَالَ غَيْرُهُ سُمِّيَتْ أُمَّ الْكِتَابِ لِأَنَّ أُمَّ الشَّيْءِ ابْتِدَاؤُهُ وَأَصْلُهُ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى لِأَنَّ الْأَرْضَ دُحِيَتْ مِنْ تَحْتِهَا
وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا يُبْدَأُ بِهَا يُنَاسِبُ تسميتها فاتحة الكتاب لا أم للكتاب
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُتَّجَهُ مَا قَالَ بِالنَّظَرِ إِلَى أن اللام مَبْدَأُ الْوَلَدِ وَقِيلَ سُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ
لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي فِي الْقُرْآنِ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَالتَّعَبُّدِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَعَلَى مَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْفِعْلِ وَاشْتِمَالُهَا عَلَى ذِكْرِ الْمَبْدَأِ أَوِ الْمَعَادِ وَالْمَعَاشِ انْتَهَى
وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْفَاتِحَةُ بِالسَّبْعِ الْمَثَانِي لِأَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ
وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهَا بِالْمَثَانِي
فَقِيلَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَيْ تُعَادُ
وَقِيلَ لِأَنَّهَا يُثْنَى بِهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى
وَقِيلَ لِأَنَّهَا اسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ لَمْ تَنْزِلْ عَلَى مَنْ قَبْلَهَا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ
قَوْلُهُ (وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي) جَمْعُ مُثَنَّاةٌ مِنَ التَّثْنِيَةِ أَوْ جَمْعُ مُثْنِيَةٍ فَإِنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ صَلَاةٍ (وَهِيَ مَقْسُومَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ قَسَمْتُهَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ نِصْفَهَا الْأَوَّلَ تَحْمِيدٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَمْجِيدُهُ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ وَتَفْوِيضٌ إِلَيْهِ
وَالنِّصْفَ الثَّانِيَ سُؤَالٌ وَطَلَبٌ وَتَضَرُّعٌ وَافْتِقَارٌ (وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ) أَيْ بِعَيْنِهِ إِنْ كَانَ وُقُوعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى السُّؤَالِ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ مِنْ رَفْعِ دَرَجَةٍ وَدَفْعِ مَضَرَّةٍ وَنَحْوِهِمَا
وَأَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ العظيم وَمِنْ هَذِهِ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّبْيِينِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّبْعِيضِ
وَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ مِنَ الْمَثَانِي الْقُرْآنُ كُلُّهُ فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعَ آيَاتٍ مِمَّا يُثَنِّي بَعْضُ آيِهِ بَعْضًا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتِ الْمَثَانِي جَمْعَ مُثَنَّاةٍ وَتَكُونُ آيُ الْقُرْآنِ