التَّثَبُّتُ وَالتَّفَكُّرُ تَفَعُّلٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَسْمِ وَهُوَ التَّأْثِيرُ بِحَدِيدَةٍ فِي جِلْدِ الْبَعِيرِ أَوِ الْبَقَرِ وقيل أصله الاستقصاء التعرف يُقَالُ تَوَسَّمْتَ أَيْ تَعَرَّفْتَ مُسْتَقْصِيًا وُجُوهَ التَّعَرُّفِ وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْوَسْمِ بِمَعْنَى الْعَلَامَةِ وَلِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ فِي الْفِرَاسَةِ أَخْبَارٌ وَحِكَايَاتٌ مَعْرُوفَةٌ فَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي تَوَالِي التَّأْسِيسِ قَالَ السَّاجِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ قَالَ خَرَجْتَ أَنَا وَالشَّافِعِيُّ مِنْ مَكَّةَ فَلَقِينَا رَجُلًا بِالْأَبْطَحِ فَقُلْتَ لِلشَّافِعِيِّ ازْكَنْ مَا لِلرَّجُلِ فَقَالَ نَجَّارٌ أَوْ خَيَّاطٌ قَالَ فَلَحِقْتُهُ فَقَالَ كُنْتُ نَجَّارًا وَأَنَا خَيَّاطٌ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قُتَيْبَةَ قَالَ رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيَّ قَاعِدَيْنِ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ فَمَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ تَعَالَ حَتَّى نَزْكَنَ عَلَى هَذَا الْآتِي أَيُّ حِرْفَةٍ مَعَهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا خَيَّاطٌ وَقَالَ الْآخَرُ نَجَّارٌ فَبَعَثَا إِلَيْهِ فَسَأَلَاهُ فَقَالَ كُنْتَ خَيَّاطًا وَأَنَا الْيَوْمَ نَجَّارٌ
قال الْحَافِظُ وَسَنَدُ كُلٍّ مِنَ الْقِصَّتَيْنِ صَحِيحٌ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّدِ وَالزَّكَنُ الْفِرَاسَةُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُزَنِيِّ قَالَ كُنْتَ مَعَ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَامِعِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ يَدُورُ عَلَى النِّيَامِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِلرَّبِيعِ قُمْ فَقُلْ لَهُ ذَهَبَ لَكَ عَبْدٌ أَسْوَدُ مُصَابٌ بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ قَالَ الرَّبِيعُ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ تَعَالَ
فَجَاءَ إِلَى الشَّافِعِيِّ فَقَالَ أَيْنَ عَبْدِي فَقَالَ مُرَّ تَجِدْهُ فِي الْحَبْسِ فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَوَجَدَهُ فِي الْحَبْسِ قَالَ الْمُزَنِيُّ فَقُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنَا فَقَدْ حَيَّرْتنَا فَقَالَ نَعَمْ رَأَيْتَ رَجُلًا دَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ يَدُورُ بَيْنَ النِّيَامِ فَقُلْتَ يَطْلُبُ هَارِبًا وَرَأَيْتُهُ يَجِيءُ إِلَى السُّودَانِ دُونَ البيض فقلت هَرَبَ لَهُ عَبْدٌ أَسْوَدُ وَرَأَيْتُهُ يَجِيءُ إِلَى مَا يَلِي الْعَيْنَ الْيُسْرَى فَقُلْتُ مُصَابٌ بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ قُلْنَا فَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ فِي الْحَبْسِ قَالَ الْحَدِيثُ فِي الْعَبِيدِ إِنْ جَاعُوا سَرَقُوا وَإِنْ شَبِعُوا زَنَوْا فَتَأَوَّلْتُ أَنَّهُ فَعَلَ أَحَدَهُمَا فكان كذلك
قَوْلُهُ (عَنْ بِشْرٍ عَنْ أَنَسٍ) قَالَ فِي التقريب بشر عن أنس قيل هو بن دِينَارٍ مَجْهُولٌ مِنَ السَّادِسَةِ
وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ بِشْرٌ غَيْرُ مَنْسُوبٍ عَنْ أَنَسٍ فِي قوله لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون وَغَيْرِ ذَلِكَ وَعَنْهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ قِيلَ إِنَّهُ بِشْرُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ الْحَافِظُ كذا قال بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَزَادَ فِي الرُّوَاةِ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى لَيْثٍ اخْتِلَافًا كَثِيرًا
قَوْلُهُ (فِي قَوْلِهِ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أجمعين) قَبْلَهُ فَوَرَبِّكَ قَالَ الْخَازِنُ أَقْسَمَ اللَّهُ بِنَفْسِهِ أنه يسأل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute