للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَرْشُ بِلْقِيسَ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ لِسُلَيْمَانَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ أُزِيلَ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى أُحْضِرَ إِلَيْهِ وَمَا ذَاكَ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ بِعَزِيزٍ انْتَهَى (فَطَفِقْتُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ قَبْلَ الْقَافِ أَيْ فَشَرَعْتُ (أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ) أَيْ عَلَامَاتِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَدَلَالَاتُهُ (وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ وأبي سعيد وبن عباس وأبي ذر وبن مَسْعُودٍ) أَمَّا حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ أَلَمْ نَشْرَحْ مُخْتَصَرًا وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مُطَوَّلًا

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فأخرجه البيهقي وبن جرير وبن أبي حاتم وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْبَزَّارُ

وَأَمَّا حديث أبي فأخرجه الشيخان

وأما حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ كَانَ الْإِسْرَاءُ بجسده مَعَ رُوحِهِ أَوْ بِرُوحِهِ فَقَطْ فَذَهَبَ مُعْظَمُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى الْأَوَّلِ وَذَهَبَ إِلَى الثَّانِي طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ عَائِشَةُ وَمُعَاوِيَةُ والحسن وبن إسحاق

وحكاه بن جَرِيرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى التَّفْصِيلِ فَقَالُوا كَانَ الْإِسْرَاءُ بِجَسَدِهِ يَقَظَةً إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِلَى السَّمَاءِ بِالرُّوحِ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فجعله غاية للإسراء بذاته فَلَوْ كَانَ الْإِسْرَاءُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَعَ بِذَاتِهِ لَذَكَرَهُ وَالَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْكَثِيرَةُ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُعْظَمُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْإِسْرَاءِ بِجَسَدِهِ وَرُوحِهِ يَقَظَةً إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ السَّمَاوَاتِ وَهُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ وَصَرْفِ هَذَا النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ وَمَا يُمَاثِلُهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَحَادِيثِ إِلَى مَا يُخَالِفُ الْحَقِيقَةَ وَلَا مُقْتَضَى لِذَلِكَ إِلَّا مُجَرَّدُ الِاسْتِبْعَادِ وَتَحْكِيمِ مَحْضِ الْعُقُولِ الْقَاصِرَةِ عَنْ فَهْمِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ شَيْءٌ

وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُجَرَّدَ رُؤْيَا كَمَا يَقُولُهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ بِالرُّوحِ فَقَطْ وَأَنَّ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ حَقٌّ لم يقع التكذيب من الكفرة للنبي عِنْدَ إِخْبَارِهِ لَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى ارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ مِمَّنْ لَمْ يَشْرَحْ بِالْإِيمَانِ صَدْرًا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَرَى فِي نَوْمِهِ مَا هُوَ مستبعد بل هُوَ مُحَالٌ وَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ أَحَدٌ وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>