للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْتَهَى

وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ التَّبْكِيرُ بِالْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَهُوَ حِينَ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَكَانَتِ الْحُجْرَةُ ضَيِّقَةَ الْعَرْصَةِ قَصِيرَةَ الْجِدَارِ بِحَيْثُ يَكُونُ طُولُ جِدَارِهَا أَقَلَّ مِنْ مِسَاحَةِ الْعَرْصَةِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَإِذَا صَارَ ظِلُّ الْجِدَارِ مِثْلَهُ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَتَكُونُ الشَّمْسُ بَعْدُ فِي أَوَاخِرِ الْعَرْصَةِ لَمْ يَقَعِ الْفَيْءُ فِي الْجِدَارِ الشَّرْقِيِّ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجِيلُ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَتْهُ عَائِشَةُ وَكَذَا الرَّاوِي عَنْهَا عُرْوَةُ وَاحْتُجَّ بِهِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعَصْرِ

وَشَذَّ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى التَّعْجِيلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحُجْرَةَ كَانَتْ قَصِيرَةَ الْجِدَارِ فَلَمْ تَكُنِ الشَّمْسُ تَحْتَجِبُ عَنْهَا إِلَّا بِقُرْبِ غُرُوبِهَا فَيَدُلُّ عَلَى التَّأْخِيرِ لَا عَلَى التَّعْجِيلِ

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنَ الِاحْتِمَالِ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ مَعَ اتِّسَاعِ الْحُجْرَةِ وَقَدْ عُرِفَ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ أَنَّ حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ مُتَّسِعَةً وَلَا يَكُونُ ضَوْءُ الشَّمْسِ بَاقِيًا فِي قَعْرِ الْحُجْرَةِ الصَّغِيرَةِ إِلَّا وَالشَّمْسُ قَائِمَةٌ مُرْتَفِعَةٌ وإلا متى مالت ارتفع ضوؤها عَنْ قَاعِ الْحُجْرَةِ وَلَوْ كَانَ الْجِدَارُ قَصِيرًا انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ

تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ نَاصِرًا لِلطَّحَاوِيِّ مَا لَفْظُهُ وَنَقُولُ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَرَعَ فِي التَّهَجُّدِ وَهُوَ فِي حُجْرَةٍ وَاقْتَدَى أَصْحَابُهُ خَارِجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْجُدْرَانِ قَصِيرَةً فَإِنَّ مَعْرِفَةَ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ شرط لصحته الِاقْتِدَاءِ انْتَهَى

قُلْتُ مِنَ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ الِانْتِقَالُ مِنَ الْجُلُوسِ إِلَى السَّجْدَةِ وَمِنَ السَّجْدَةِ إِلَى الْجُلُوسِ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ جُدْرَانُ الْحُجْرَةِ قَدْرَ الذِّرَاعِ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ هَذَا الِانْتِقَالِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا إِذَا كَانَ طُولُهَا بِنَحْوِهِ وَهَذَا كَمَا ترَى

فَإِنْ قَالَ يُعْرَفُ هَذَا الِانْتِقَالُ بِتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ قِيلَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْجُدُرِ قَصِيرَةً فَإِنَّ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ تُعْرَفُ بِتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ ثُمَّ لَا يَثْبُتُ مِنْ مُجَرَّدِ كَوْنِ جُدْرَانِ الْحُجْرَةِ قَصِيرَةً تَأْخِيرُ الْعَصْرِ

ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ العرف الشذي ما لفظه قال الحافظ ها هنا قَالَ الطَّحَاوِيُّ إِنَّ التَّغْلِيسَ بِالْفَجْرِ كَانَ بِسَبَبِ جُدْرَانِ الْحُجْرَةِ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ الْإِسْفَارُ وَأَقُولُ إِنَّ الطَّحَاوِيَّ لَمْ يَقُلْ بِمَا نَقَلَ الْحَافِظُ فَإِنَّ كَلَامَهُ فِي الْجُدْرَانِ فِي الْعَصْرِ لَا الفجر انتهى

قلت لعل هذا لم ير كَلَامَ الْحَافِظِ وَوَهَمَ وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ قَوْلُ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْحَافِظَ لَمْ يَنْقُلْ عَنِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ التغليس بالفجر كان بسبب الجدران فيالله الْعَجَبَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَعَ غَفْلَتِهِ الشَّدِيدَةِ وَوَهْمِهِ الْفَاحِشِ كَيْفَ اجْتَرَأَ عَلَى نِسْبَةِ الْوَهْمِ إلى الحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>