للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله (إذا أحب الله عبدا نادى جبرائيل) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ أَمْرٌ مِنَ الْإِحْبَابِ أَيْ أَحِبَّهُ أَنْتَ أَيْضًا

قال النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ هِيَ إِرَادَتُهُ الْخَيْرَ لَهُ وَهِدَايَتُهُ وَإِنْعَامُهُ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ وَبُغْضُهُ إرادة عقابه أو شقاوته ونحوه وحب جبرائيل وَالْمَلَائِكَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ

أَحَدُهُمَا اسْتِغْفَارُهُمْ لَهُ وَثَنَاؤُهُمْ عَلَيْهِ وَدُعَاؤُهُمْ وَالثَّانِي أَنَّ مَحَبَّتَهُمْ عَلَى ظَاهِرِهَا الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ وَهُوَ مَيْلُ الْقَلْبِ إِلَيْهِ وَاشْتِيَاقٌ إِلَى لِقَائِهِ وَسَبَبُ حُبِّهِمْ إِيَّاهُ كَوْنُهُ مُطِيعًا لِلَّهِ تَعَالَى مَحْبُوبًا لَهُ انْتَهَى

وَقَالَ الْحَافِظُ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ بَيَانُ سَبَبِ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ وَالْمُرَادِ بِهَا فَفِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَنَّ الْعَبْدَ لَيَلْتَمِسُ مَرْضَاةَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ يَا جِبْرِيلُ إِنَّ عَبْدِي فُلَانًا يَلْتَمِسُ أَنْ يُرْضِيَنِي أَلَا وَإِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ عَلَيْهِ

الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والطبراني ويشهد له حديث أبي هريرة الاني فِي الرِّقَاقِ فَفِيهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ

الْحَدِيثَ انْتَهَى (قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (فينادي) أي جبرائيل (في السماء) وفي حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ (ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ الْمَحَبَّةُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ

قَالَ النَّوَوِيُّ أَيِ الْحُبُّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَرِضَاهُمْ عَنْهُ تَمِيلُ إِلَيْهِ الْقُلُوبُ وَتَرْضَى عَنْهُ (فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)

قال بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَغْرِسُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنَينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ وَهِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي تُرْضِي اللَّهَ لِمُتَابَعَتِهَا الشَّرِيعَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ يَغْرِسُ لَهُمْ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَحَبَّةً وَمَوَدَّةً وَهَذَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا مَحِيدَ عَنْهُ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد والشيخان

<<  <  ج: ص:  >  >>