للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فيه الشيطان

(ثم أناخ) أي بعد ما اقْتَادُوا (فَأَقَامَ الصَّلَاةَ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ (ثُمَّ صَلَّى) أَيْ بِهِمُ الصُّبْحَ (مِثْلَ صَلَاتِهِ فِي الْوَقْتِ فِي تَمَكُّثٍ) أَيْ غَيْرَ مُسْتَعْجِلٍ (ثُمَّ قَالَ) أَيْ قَرَأَ (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) أَيْ لِتَذْكُرَنِي فِيهَا وَقِيلَ لِذِكْرِي خَاصَّةً لَا تَشُوبُهُ بِذِكْرِ غَيْرِي وقيل الإخلاص ذِكْرِي وَطَلَبِ وَجْهِي وَلَا تُرَائِي فِيهَا وَلَا تَقْصِدْ بِهَا غَرَضًا آخَرَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِذَا تَرَكْتَ صَلَاةً ثُمَّ ذَكَرْتهَا فَأَقِمْهَا كَذَا فِي الْخَازِنِ

قُلْتُ يُؤَيِّدُ الْمَعْنَى الْأَخِيرَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ الله عز وجل يقول أقم الصلاة لذكرى رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ

فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي

فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا

لِأَنَّ الْقَلْبَ إِنَّمَا يُدْرِكُ الْحِسِّيَّاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ كَالْحَدَثِ وَالْأَلَمِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا يُدْرِكُ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَغَيْرَهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَإِنَّمَا يُدْرَكُ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَالْعَيْنُ نَائِمَةٌ وَإِنْ كَانَ الْقَلْبُ يَقْظَانَ

وَالثَّانِي أَنَّهُ كَانَ لَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا يَنَامُ فِيهِ الْقَلْبُ وَصَادَفَ هَذَا الْمَوْضِعَ وَالثَّانِي لَا يَنَامُ وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ هُوَ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ بَلْ تَابَعَهُ يُونُسُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بن يحيى التجيبي قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ الْحَدِيثَ وَتَابَعَهُ أَيْضًا مَعْمَرٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>