وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الزَّلْزَلَةُ شِدَّةُ الْحَرَكَةِ عَلَى الْحَالِ الْهَائِلَةِ وَوَصْفُهَا بِالْعِظَمِ وَلَا شَيْءَ أَعْظَمُ مِمَّا عَظَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قِيلَ هِيَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ قَبْلَ قيامها وقال بن عَبَّاسٍ زَلْزَلَةُ السَّاعَةِ قِيَامُهَا فَتَكُونُ مَعَهَا وَاخْتَارَهُ بن جرير في تفسيره وبعده يوم ترونها أي الساعة وقيل الزلزلة تذهل قال بن عَبَّاسٍ تَشْغَلُ وَقِيلَ تَنْسَى كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أرضعت أَيْ كُلُّ امْرَأَةٍ مَعَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ وَتَضَعُ كل ذات حمل حملها أَيْ تُسْقِطُ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ كُلُّ حَامِلٍ حَمْلَهَا
قَالَ الْحَسَنُ تَذْهَلُ الْمُرْضِعَةُ عَنْ ولدها غير فِطَامٍ وَتَضَعُ الْحَامِلُ مَا فِي بَطْنِهَا غَيْرَ تَمَامٍ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَكُونُ الزَّلْزَلَةُ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ بَعْدَ الْبَعْثِ لَا يَكُونُ حَبَلٌ وَمَنْ قَالَ تَكُونُ الزَّلْزَلَةُ فِي الْقِيَامَةِ قَالَ هَذَا عَلَى وَجْهِ تَعْظِيمِ الْأَمْرِ وَتَهْوِيلِهِ لَا عَلَى حَقِيقَتِهِ كَمَا تَقُولُ أَصَابَنَا أَمْرٌ يَشِيبُ فِيهِ الْوَلِيدُ تُرِيدُ بِهِ شِدَّتَهُ وَتَرَى النَّاسَ سكارى على التشبيه (وما هم بسكارى) عَلَى التَّحْقِيقِ وَلَكِنْ مَا رَهَقَهُمْ مِنْ خَوْفِ عَذَابِ اللَّهِ هُوَ الَّذِي أَذْهَبَ عُقُولَهُمْ وَأَزَالَ تَمْيِيزَهُمْ وَقِيلَ سُكَارَى مِنَ الْخَوْفِ وَمَا هُمْ بِسُكَارَى مِنَ الشَّرَابِ وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ أَيْ فَهُمْ يَخَافُونَهُ قَالَ أَيْ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَهُوَ فِي سَفَرٍ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَالضَّمِيرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَهُ أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ
قَالَ الْحَافِظُ الْبَعْثُ بِمَعْنَى الْمَبْعُوثِ وَأَصْلُهَا فِي السَّرَايَا الَّتِي يَبْعَثُهَا الْأَمِيرُ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ لِلْحَرْبِ وَغَيْرِهَا وَمَعْنَاهَا هُنَا مَيِّزْ أَهْلَ النَّارِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا خُصَّ بِذَلِكَ آدَمُ لِكَوْنِهِ وَالِدَ الْجَمِيعِ وَلِكَوْنِهِ كَانَ قَدْ عَرَفَ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ
فَقَدْ رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَعَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَنْ شِمَالِهِ أَسْوِدَةٌ الْحَدِيثَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ وَمَا بَعْثُ النَّارِ أَيْ وَمَا مِقْدَارُ مَبْعُوثِ النَّارِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ كَمْ أُخْرِجُ قَالَ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي سَعِيدٍ مُخَالَفَةً ظَاهِرَةً وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَا اعْتِبَارَ لَهُ فَالتَّخْصِيصُ بِعَدَدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْعَدَدَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ تَقْلِيلُ عَدَدِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَكْثِيرُ عَدَدِ الْكَافِرِينَ
قَالَ الْحَافِظُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْأَوَّلِ تَقْدِيمُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى حديث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute