سُورَةُ يس مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَثَمَانُونَ آيَةً [٣٢٢٦] قوله (عن أبي نضرة) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِي قَلْبَ مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ قَدْ مَاتَتْ قُلُوبُهُمْ بِالضَّلَالَةِ فَيَهْدِيهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْحَقِّ وَنَكْتُبُ مَا قدموا أَيْ فِي حَيَاتِهِمْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ لِيُجَازَوْا عليهم وآثارهم فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا نَكْتُبُ أَعْمَالَهُمُ الَّتِي بَاشَرُوهَا بِأَنْفُسِهِمْ وَآثَارَهُمُ الَّتِي أَثَرُوهَا مِنْ بَعْدِهِمْ فَيَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ
كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا
رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ الْبَغَوِيِّ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ آثَارُ خُطَاهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ أَوِ الْمَعْصِيَةِ قَالَ بن أَبِي نَجِيحٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ مَا قَدَّمُوا أَعْمَالُهُمْ وَآثَارَهُمْ قَالَ خُطَاهُمْ بِأَرْجُلِهِمْ
وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَآثَارَهُمْ يَعْنِي خُطَاهُمْ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا قال الحافظ بن كَثِيرٍ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بَلْ فِي هَذَا تَنْبِيهٌ وَدَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى
وَالْأَحْرَى فَإِنَّهُ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ تُكْتَبُ فَلَأَنْ تُكْتَبَ تِلْكَ الَّتِي فِيهَا قُدْوَةٌ بِهِمْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى انْتَهَى إِنَّ آثَارَكُمْ تُكْتَبُ أَيْ يُكْتَبُ أَجْرُ خُطَاكُمْ وَثَوَابُ أَقْدَامِكُمْ
قَوْلُهُ (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه بن أبي حاتم وبن جرير والبزار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute