ويقول كما في رواية بن جَرِيرٍ (فَقَالَ) أَيْ أَبُو طَالِبٍ لِرَسُولِ اللَّهِ (يا بن أَخِي مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ) وَفِي رِوَايَةِ بن جرير فقال له أبو طالب أي بن أَخِي مَا بَالُ قَوْمِكَ يَشْكُونَكَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَهُمْ وَتَقُولُ وَتَقُولُ أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ أَيْ تُطِيعُهُمْ وَتَخْضَعُ لَهُمُ الْعَرَبُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ أَيْ تُعْطِيهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ بِسَبَبِ تِلْكَ الْكَلِمَةِ (قَالَ) أَيْ أَبُو طَالِبٍ كَلِمَةً وَاحِدَةً أَيْ تُرِيدُ كَلِمَةً وَاحِدَةً (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ (كَلِمَةً وَاحِدَةً) أَيْ أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً (فَقَالُوا إِلَهًا وَاحِدًا) أَيْ أَتَجْعَلُ الْآلِهَةَ إِلَهًا واحدا ما سمعنا بهذا أَيْ بِالَّذِي تَقُولُهُ مِنَ التَّوْحِيدِ فِي الْمِلَّةِ الآخرة وَهِيَ مِلَّةُ النَّصْرَانِيَّةِ فَإِنَّهَا آخِرُ الْمِلَلِ قَبْلَ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ كَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَبِهِ قَالَ بن عَبَّاسٍ وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَعْنُونَ بِهِ مِلَّةَ قُرَيْشٍ أَيِ الَّتِي أَدْرَكْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَعَنْ قَتَادَةَ مثله إن هذا أي ما هذا إلا اختلاق أَيْ كَذِبٌ اخْتَلَقَهُ مُحَمَّدٌ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذكر إِلَخْ الْآيَاتُ بِتَمَامِهَا مَعَ تَفْسِيرِهَا هَكَذَا ص اللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ بِهِ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ أَيْ وَالْقُرْآنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا فِيهِ ذِكْرٌ لِلْعِبَادِ وَنَفْعٌ لَهُمْ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أي تذكيركم وقال بن عباس رضي الله عنهما ذي الذكر أَيْ ذِي الشَّرَفِ وَذِي الشَّأْنِ وَالْمَكَانَةِ
قَالَ بن كَثِيرٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ كِتَابٌ شَرِيفٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى التَّذْكِيرِ انْتَهَى
وَجَوَابُ هَذَا الْقَسَمِ مَحْذُوفٌ أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ كُفَّارُ مَكَّةَ مِنْ تَعَدُّدِ الْآلِهَةِ بَلِ الَّذِينَ كفروا في عزة أي حمية وتكبر عن الإيمان وشقاق أي خلاف وعداوة للنبي كم أَيْ كَثِيرًا أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ أَيْ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَنَادَوْا أَيْ بِالتَّوْحِيدِ حِينَ تَوَلَّتِ الدُّنْيَا عَنْهُمْ وَقِيلَ اسْتَغَاثُوا عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ وَحُلُولِ النِّقْمَةِ وَلَاتَ حِينَ مناص أَيْ لَيْسَ الْحِينُ حِينَ فِرَارٍ وَلَاتَ هِيَ لَا الْمُشَبَّهَةُ بِلَيْسَ زِيدَتْ عَلَيْهَا تَاءُ التَّأْنِيثِ كَمَا زِيدَتْ عَلَى رُبَّ وَثُمَّ لِلتَّوْكِيدِ وَتَغَيَّرَ بِذَلِكَ حُكْمُهَا حَيْثُ لَمْ تَدْخُلْ إِلَى عَلَى الْأَحْيَانِ وَلَمْ يَبْرُزْ إِلَّا أَحَدُ مُقْتَضَيَيْهَا إِمَّا الِاسْمُ أَوِ الْخَبَرُ وَامْتَنَعَ بُرُوزُهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا مَذْهَبُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَعِنْدَ الْأَخْفَشِ أَنَّهَا لَا النَّافِيَةُ لِلْجِنْسِ زِيدَتْ عَلَيْهَا التَّاءُ وَخُصَّتْ بِنَفْيِ الْأَحْيَانِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَادَوْا أَيِ اسْتَغَاثُوا وَالْحَالُ أَنْ لَا مَهْرَبَ لَهُمْ وَلَا منجا وعجبوا أن جاءهم منذر منهم أَيْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يُنْذِرُهُمْ وَيُخَوِّفُهُمْ بِالنَّارِ بعد البعث وهو النبي وقال الكافرون فِيهِ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ هَذَا سَاحِرٌ كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute