٤٤ - سُورَةُ الزُّخْرُفِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ تِسْعٌ وَثَمَانُونَ آيَةً [٣٢٥٣] قَوْلُهُ كَانُوا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْهُدَى إِلَّا أوتوا الجدل أي أعطوه وهو حال وقد مُقَدَّرَةٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَعَمُّ عَامٌّ الْأَحْوَالَ وَصَاحِبُهَا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي خَبَرِ كَانَ وَالْمَعْنَى مَا كَانَ ضَلَالَتُهُمْ وَوُقُوعُهُمْ فِي الْكُفْرِ إِلَّا بِسَبَبِ الْجِدَالِ وَهُوَ الْخُصُومَةُ بِالْبَاطِلِ مَعَ نَبِيِّهِمْ وَطَلَبِ الْمُعْجِزَةِ مِنْهُ عِنَادًا أَوْ جُحُودًا وَقِيلَ مُقَابَلَةُ الْحُجَّةِ بِالْحُجَّةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ هُنَا الْعِنَادُ وَالْمُرَادُ فِي الْقُرْآنِ ضَرْبُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لِتَرْوِيجِ مَذَاهِبِهِمْ وَآرَاءِ مَشَايِخِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ نُصْرَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ لَا الْمُنَاظَرَةُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَإِظْهَارِ الْحَقِّ فَإِنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ (ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ اسْتِشْهَادًا عَلَى مَا قرره ما ضربوه أَيْ هَذَا الْمَثَلَ لَكَ يَا مُحَمَّدُ وَهُوَ قَوْلُهُمْ أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ أَرَادُوا بِالْآلِهَةِ هُنَا الْمَلَائِكَةَ يَعْنِي الْمَلَائِكَةُ خَيْرٌ أَمْ عِيسَى يُرِيدُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ خَيْرٌ مِنْ عِيسَى فَإِذَا عَبَدَتِ النَّصَارَى عِيسَى فَنَحْنُ نَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ أَيْ ما قالوا ذلك القول إلا جدلا أي إلا لمخاصمتك وإذائك بالباطل لا لطلب إلا الحق كذا قال بعض العلماء
قال القارىء والأصح في معنى الاية أن بن الزِّبَعْرَى جَادَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حصب جهنم آلِهَتُنَا أَيِ الْأَصْنَامُ خَيْرٌ عِنْدَكَ أَمْ عِيسَى فَإِنْ كَانَ فِي النَّارِ فَلْتَكُنْ آلِهَتُنَا مَعَهُ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ
فَأَوَّلًا أَنَّ مَا لِغَيْرِ ذَوِي الْعُقُولِ فَالْإِشْكَالُ نَشَأَ عَنِ الْجَهْلِ بِالْقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ وَثَانِيًا أَنَّ عِيسَى وَالْمَلَائِكَةَ خُصُّوا عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ انتهى
قلت بن الزِّبَعْرَى بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْأَلِفِ الْمَقْصُورَةِ قَالَ الشهاب بن الزِّبَعْرَى هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا كَانَتْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute