وَهُوَ عَائِدٌ إِلَى الَّذِي فَاتَتْهُ فَالْمَعْنَى أُصِيبَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَمِثْلُهُ قوله تعالى ولن يتركم أعمالكم وقيل وترههنا بِمَعْنَى نُقِصَ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ نَصْبُهُ وَرَفْعُهُ لِأَنَّ مَنْ رَدَّ النَّقْصَ إِلَى الرُّجُلِ نَصَبَ وَأَضْمَرَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْفَاعِلِ وَمَنْ رَدَّهُ إِلَى الْأَهْلِ رَفَعَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُرْوَى بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ وُتِرَ بِمَعْنَى سُلِبَ وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ وُتِرَ بِمَعْنَى أُخِذَ فَيَكُونُ أَهْلُهُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ قَالَ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّغْلِيظُ عَلَى مَنْ تَفُوتُهُ الْعَصْرُ وَأَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِهَا
وَرَوَى بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ
وَهَذَا ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَوْفَلٍ بِلَفْظِ لَأَنْ يُوتَرَ لِأَحَدِكُمْ أَهْلُهُ وَمَالُهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَفُوتَهُ وَقْتُ صَلَاةٍ وَهَذَا أَيْضًا ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ
وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ رِوَايَةُ النَّصْبِ لَكِنَّ الْمَحْفُوظَ مِنْ حَدِيثِ نَوْفَلٍ بِلَفْظِ مِنَ الصَّلَوَاتِ صَلَاةٌ مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا قَالَ وَبَوَّبَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ مَا جَاءَ فِي السَّهْوِ عَنْ وَقْتِ الْعَصْرِ فَحَمَلَهُ عَلَى السَّاهِي وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ مِنَ الْأَسَفِ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الثَّوَابِ لِمَنْ صَلَّى مَا يَلْحَقُ مَنْ ذَهَبَ مَالُهُ وَأَهْلُهُ
وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ أَسَفَ الْعَامِدِ أَشَدُّ لِاجْتِمَاعِ فَقْدِ الثَّوَابِ وَحُصُولِ الْإِثْمِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ بُرَيْدَةَ وَنَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ) أَمَّا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَتَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ (حديث بن عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute