وَمُرَبِّيهِمْ وَهُمْ مَا سِوَى اللَّهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ أَيْ بِالتَّوْحِيدِ الْكَامِلِ الشَّامِلِ لِلْإِخْلَاصِ قَوْلًا وَاعْتِقَادًا وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفِي أُخْرَى لَهُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بن أبي حمزة قال قال لي بن المنكدر وبن أَبِي فَرْوَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا قُلْتَ أَنْتَ فَقُلْ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَعْنِي قَوْلَهُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ إِنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ إِنَّمَا يَقُولُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وهو وهم منشوء تَوَهُّمُ أَنَّ مَعْنَى وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ أَنِّي أَوَّلُ شَخْصٍ اتَّصَفَ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ النَّاسُ بِمَعْزِلٍ عَنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ بَيَانُ الْمُسَارَعَةِ فِي الِامْتِثَالِ لِمَا أُمِرَ بِهِ
وَنَظِيرُهُ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أول العابدين وقال موسى (وأنا أول المؤمنين) وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي قَوْلِهِ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى إِرَادَةِ الشَّخْصِ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَكِ وَقُولِي إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي إِلَى قَوْلِهِ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى
أللهم أي يالله وَالْمِيمُ بَدَلٌ عَنْ حَرْفِ النِّدَاءِ وَلِذَا لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إِلَّا فِي الشِّعْرِ أَنْتَ الْمَلِكُ أَيِ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَنَا عَبْدُكَ أَيْ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّكَ مَالِكِي وَمُدَبِّرِي وَحُكْمُكَ نَافِذٌ فِيَّ ظَلَمْتُ نَفْسِي أَيِ اعْتَرَفْتُ بِالتَّقْصِيرِ قَدَّمَهُ عَلَى سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ أَدَبًا كَمَا قَالَ آدَمُ وَحَوَّاءُ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ من الخاسرين إِنَّهُ بِالْكَسْرِ اسْتِئْنَافٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ وَالضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفَّارُ الْغَفُورُ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ أَيْ أَرْشِدْنِي لِأَكْمَلِهَا وَأَفْضَلِهَا وَوَفِّقْنِي لِلتَّخَلُّقِ بِهَا وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا أَيْ قَبِيحَهَا تَبَارَكْتَ أَيِ اسْتَحْقَقْتَ الثَّنَاءَ وَقِيلَ ثَبَتَ الْخَيْرُ عِنْدَكَ وَقِيلَ جِئْتَ بِالْبَرَكَاتِ أَوْ تَكَاثَرَ خَيْرُكَ وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ لِلدَّوَامِ وَالثُّبُوتِ وَتَعَالَيْتَ أَيِ ارْتَفَعَتْ عَظَمَتُكَ وَظَهَرَ قَهْرُكَ وَقُدْرَتُكَ عَلَى مَنْ فِي الْكَوْنَيْنِ وَقِيلَ أَيْ عَنْ مُشَابَهَةِ كُلِّ شَيْءٍ اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتَ فِي تَقْدِيمِ الْجَارِّ إِشَارَةً إِلَى التَّخْصِيصِ وَلَكَ أَسْلَمْتُ أَيْ لَكَ ذَلَلْتُ وَانْقَدْتُ أَوْ لَكَ أَخْلَصْتُ وَجْهِي خَشَعَ أَيْ خَضَعَ وَتَوَاضَعَ أَوْ سَكَنَ لَكَ سَمْعِي فَلَا يَسْمَعُ إِلَّا مِنْكَ وَبَصَرِي فَلَا يَنْظُرُ إِلَّا بِكَ وَإِلَيْكَ وَتَخْصِيصُهُمَا مِنْ بَيْنِ الْحَوَاسِّ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْآفَاتِ بِهِمَا فَإِذَا خَشَعَتَا قَلَّتِ الْوَسَاوِسُ قَالَهُ بن الملك ومخي قال بن رَسْلَانَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الدِّمَاغُ وَأَصْلُهُ الْوَدَكُ الَّذِي فِي الْعَظْمِ وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ مُخُّهُ وَعَظْمِي وَعَصَبِي فَلَا يَقُومَانِ وَلَا يَتَحَرَّكَانِ إِلَّا بِكَ فِي طَاعَتِكَ وَهُنَّ عُمُدُ الْحَيَوَانِ وَأَطْنَابُهُ وَاللَّحْمُ وَالشَّحْمُ غَادٍ وَرَائِحٌ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ أي من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute