عِنْدَ الْكَرْبِ) أَيْ عِنْدَ حُلُولِ الْكَرْبِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيِ الْغَمِّ الَّذِي يَأْخُذُ النَّفْسَ كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَقِيلَ الْكَرْبُ أَشَدُّ الْغَمِّ
وَقَالَ الْحَافِظُ هُوَ مَا يَدْهَمُ الْمَرْءَ مِمَّا يَأْخُذُ بِنَفْسِهِ فَيَغُمُّهُ وَيُحْزِنُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ هُوَ الَّذِي يُؤَخِّرُ الْعُقُوبَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ الْحَكِيمُ أَيْ ذُو الْحِكْمَةِ وَهِيَ كَمَالُ الْعِلْمِ وَإِتْقَانُ الْعَمَلِ أَوْ فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ فَهُوَ مُبَالَغَةُ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أَوْ بِمَعْنَى الْمُفْعِلِ أَيِ الَّذِي يَحْكُمُ الْأَشْيَاءَ وَيُتْقِنُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ نعت للعرش عند الجمهور ونقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ بِرَفْعِ الْعَظِيمِ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِلرَّبِّ وَكَذَا الْكَرِيمُ فِي قَوْلِهِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وَوَصْفُ الْعَرْشِ بِالْكَرِيمِ أَيِ الْحُسْنِ مِنْ جِهَةِ الْكَيْفِيَّةِ فَهُوَ مَمْدُوحٌ ذَاتًا وَصِفَةً وَفِي قَوْلِهِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وصفه بالعظمة من جهة الكمية
قال النَّوَوِيُّ هَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِهِ وَالْإِكْثَارُ عَنْهُ عِنْدَ الْكَرْبِ وَالْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ قَالَ الطَّبَرِيُّ كَانَ السَّلَفُ يَدْعُونَ بِهِ وَيُسَمُّونَهُ دُعَاءَ الْكَرْبِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا ذِكْرٌ وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الذِّكْرَ يَسْتَفْتِحُ بِهِ الدُّعَاءَ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ وَالثَّانِي جَوَابُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ أَمَا عَلِمْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى مَنْ شَغَلَهُ ذكر عن مسألتي أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ وَقَالَ الشَّاعِرُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا كَفَاهُ عَنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ انْتَهَى
قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ رِوَايَةُ أَبِي عَوَانَةَ فَإِنَّهُ زَادَ فِي مُسْنَدِهِ الصَّحِيحِ ثُمَّ يَدْعُو بَعْدَ ذَلِكَ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ) أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ والنسائي وبن ماجة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute