انْتَهَى
وَقِيلَ تُوزَنُ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبِطَاقَةِ وَالسِّجِلَّاتِ
وَقَالَ الْحَافِظُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْأَعْمَالَ هِيَ الَّتِي تُوزَنُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو داود والترمذي وصححه بن حِبَّانَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَثْقَلُ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ
قَالَ وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ السَّلَفِ عَنْ سَبَبِ ثِقَلِ الْحَسَنَةِ وَخِفَّةِ السَّيِّئَةِ فَقَالَ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ حَضَرَتْ مَرَارُتُهَا وَغَابَتْ حَلَاوَتُهَا فَثَقُلَتْ فَلَا يَحْمِلْنَكَ ثِقَلُهَا عَلَى تَرْكِهَا وَالسَّيِّئَةُ حَضَرَتْ حَلَاوَتُهَا وَغَابَتْ مَرَارَتُهَا فَلِذَلِكَ خَفَّتْ فَلَا يَحْمِلْنَكَ خِفَّتُهَا عَلَى ارْتِكَابِهَا انْتَهَى حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ تَثْنِيَةُ حَبِيبَةٍ وَهِيَ الْمَحْبُوبَةُ لِأَنَّ فِيهِمَا الْمَدْحَ بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا التَّنْزِيهُ وَبِالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا الْحَمْدُ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ قَائِلَهَا مَحْبُوبُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّةُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ إِرَادَةُ إِيصَالِ الْخَيْرِ لَهُ وَالتَّكْرِيمِ وَخَصَّ الرَّحْمَنَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى لِلتَّنْبِيهِ عَلَى سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ حَيْثُ يُجَازِي عَلَى الْعَمَلِ الْقَلِيلِ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ
فَإِنْ قِيلَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ يَسْتَوِي الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مَوْصُوفُهُ مَعَهُ فَلِمَ عَدَلَ عَنِ التَّذْكِيرِ إِلَى التَّأْنِيثِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ وَقِيلَ أنث لمناسبة الثقيلتين والخفيفتين سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِتَقْدِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ عَلَى سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ
وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الدَّعَوَاتِ وَوَقَعَ عِنْدَهُ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالتَّوْحِيدِ بِتَقْدِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَلَى سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَكَذَلِكَ وَقَعَ عند مسلم وبن مَاجَهْ
قَالَ الْحَافِظُ قِيلَ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَبِحَمْدِهِ لِلْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ أُسَبِّحُ اللَّهَ مُتَلَبِّسًا بِحَمْدِي لَهُ مِنْ أَجْلِ تَوْفِيقِهِ
وَقِيلَ عَاطِفَةٌ وَالتَّقْدِيرُ أُسَبِّحُ اللَّهَ وَأَتَلَبَّسُ بِحَمْدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةً بِمَحْذُوفٍ مُتَقَدِّمٍ وَالتَّقْدِيرُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِحَمْدِهِ فَيَكُونُ سُبْحَانَ اللَّهِ جُمْلَةً مُسْتَقِلَّةً وَبِحَمْدِهِ جُمْلَةٌ أُخْرَى انْتَهَى
قُلْتُ الْوَاوُ إِذَا كَانَتْ لِلْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْدِيرَ نُسَبِّحُ اللَّهَ وَنَحْنُ مُتَلَبِّسُونَ بِحَمْدِهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد والشيخان والنسائي وبن ماجة وبن حِبَّانَ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ الْحَافِظُ وَجْهُ الْغَرَابَةِ فِيهِ هُوَ تَفَرُّدُ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ وَشَيْخُهُ وَشَيْخُ شَيْخِهِ وَصَحَابيهِ انْتَهَى
[٣٤٦٨] قَوْلُهُ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ مُجْتَمَعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً كَانَ أَيْ مَا ذَكَرَ لَهُ أَيْ لِلْقَائِلِ بِهِ عِدْلُ عَشْرِ