للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ الْحَيَاةِ إِلَى الْمَمَاتِ فِي الدُّنْيَا وَبَعْدَ الْمَمَاتِ إِلَى الْحَيَاةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُحْيِي أَيْ مُعْطِي الْحَيَاةِ (الْمُمِيتُ) أَيْ خَالِقُ الْمَوْتِ وَمُسَلِّطُهُ عَلَى مَنْ شَاءَ الْحَيُّ أَيِ الدَّائِمُ الْبَقَاءِ الْقَيُّومُ أَيِ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ وَالْمُقِيمُ لِغَيْرِهِ الْوَاجِدُ بِالْجِيمِ أَيِ الْغَنِيُّ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ وَقَدْ وَجَدَ يَجِدُ جِدَةً أَيِ اسْتَغْنَى غِنًى لَا فَقْرَ بَعْدَهُ وَقِيلَ الَّذِي يَجِدُ كُلَّ مَا يُرِيدُهُ وَيَطْلُبُهُ وَلَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ الْمَاجِدُ بِمَعْنَى الْمَجِيدِ لَكِنِ الْمَجِيدُ لِلْمُبَالَغَةِ الْوَاحِدُ أَيِ الْفَرْدُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَحْدَهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ آخر (الصمد) هو السيد الذي انتهى إله السُّؤْدُدُ وَقِيلَ هُوَ الدَّائِمُ الْبَاقِي وَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ وَقِيلَ الَّذِي يَصْمُدُ فِي الْحَوَائِجِ إِلَيْهِ أَيْ يُقْصَدُ الْقَادِرُ الْمُقْتَدِرُ مَعْنَاهُمَا ذُو الْقُدْرَةِ إِلَّا أَنَّ الْمُقْتَدِرَ أَبْلَغُ فِي الْبِنَاءِ مِنْ مَعْنَى التَّكَلُّفِ وَالِاكْتِسَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ وَإِنِ امْتَنَعَ فِي حَقِّهِ تَعَالَى حَقِيقَةً لَكِنَّهُ يُفِيدُ الْمَعْنَى مُبَالَغَةً (الْمُقَدِّمُ) أَيِ الَّذِي يُقَدِّمُ الْأَشْيَاءَ وَيَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا فَمَنِ اسْتَحَقَّ التَّقْدِيمَ قَدَّمَهُ الْمُؤَخِّرُ الَّذِي يُؤَخِّرُ الْأَشْيَاءَ فَيَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَهُوَ ضِدُّ الْمُقَدِّمِ الْأَوَّلُ أَيِ الَّذِي لَا بِدَايَةَ لِأَوَّلِيَّتِهِ الْآخِرُ أَيِ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلِيقَتِهِ وَلَا نِهَايَةَ لِآخِرِيَّتِهِ الظَّاهِرُ أَيِ الَّذِي ظَهَرَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَعَلَا عَلَيْهِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي عُرِفَ بِطُرُقِ الِاسْتِدْلَالِ الْعَقْلِيِّ بِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ آثَارِ أَفْعَالِهِ وَأَوْصَافِهِ الْبَاطِنُ أَيِ الْمُحْتَجِبُ عَنْ أَبْصَارِ الْخَلَائِقِ وَأَوْهَامِهِمْ فَلَا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ وَهْمٌ الْوَالِي أَيْ مَالَكِ الْأَشْيَاءِ جَمِيعِهَا الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا الْمُتَعَالِي الَّذِي جَلَّ عَنْ إِفْكِ الْمُفْتَرِينَ وَعَلَا شَأْنُهُ وَقِيلَ جَلَّ عَنْ كُلِّ وَصْفٍ وَثَنَاءٍ وَهُوَ مُتَفَاعِلٌ مِنَ الْعُلُوِّ الْبَرُّ أَيِ الْعَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ بِبِرِّهِ وَلُطْفِهِ وَالْبِرُّ بِالْكَسْرِ الْإِحْسَانُ التَّوَّابُ الَّذِي يَقْبَلُ تَوْبَةَ عِبَادِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى الْمُنْتَقِمُ أَيِ الْمُبَالِغُ فِي الْعُقُوبَةِ لِمَنْ يَشَاءُ وَهُوَ مُفْتَعِلٌ مِنْ نَقَمَ يَنْقِمُ إِذَا بَلَغَتْ بِهِ الْكَرَاهَةُ حَدَّ السُّخْطِ الْعَفُوُّ فَعُولٌ مِنَ الْعَفْوِ وَهُوَ الَّذِي يَمْحُو السَّيِّئَاتِ وَيَتَجَاوَزُ عَنِ الْمَعَاصِي وَهُوَ أَبْلَغُ مِنَ الْغَفُورِ لِأَنَّ الْغُفْرَانَ يُنْبِئُ عَنِ السَّتْرِ وَالْعَفْوُ يُنْبِئُ عَنِ الْمَحْوِ وَأَصْلُ الْعَفْوِ الْمَحْوُ وَالطَّمْسُ وَهُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ يُقَالُ عَفَا يَعْفُو عَفْوًا فهو عاف وعفو الرؤوف أَيْ ذُو الرَّأْفَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الرَّحْمَةِ مَالِكُ الْمُلْكِ أَيِ الَّذِي تَنْفُذُ مَشِيئَتُهُ فِي مُلْكِهِ يُجْرِي الْأُمُورَ فِيهِ عَلَى مَا يَشَاءُ أَوِ الَّذِي لَهُ التَّصَرُّفُ الْمُطْلَقُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أَيْ ذُو الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَذُو الْإِكْرَامِ لِأَوْلِيَائِهِ بِإِنْعَامِهِ عَلَيْهِمْ الْمُقْسِطُ أَيِ الْعَادِلُ يُقَالُ أَقْسَطَ يُقْسِطُ فَهُوَ مُقْسِطٌ إِذَا عَدَلَ وَقَسَطَ يَقْسِطُ فَهُوَ قَاسِطٌ إِذَا جَارَ فَكَأَنَّ الْهَمْزَةَ فِي أَقْسَطَ لِلسَّلْبِ كَمَا يُقَالُ شَكَا إِلَيْهِ فَأَشْكَاهُ الْجَامِعُ أَيِ الَّذِي يَجْمَعُ الْخَلَائِقَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ وَقِيلَ هُوَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ وَالْمُتَبَايِنَاتِ وَالْمُتَضَادَّاتِ فِي الْوُجُودِ الْغَنِيُّ أَيِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ فِي شَيْءٍ وَكُلُّ أَحَدٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْغَنِيُّ الْمُطْلَقُ وَلَا يُشَارِكُ اللَّهَ فِيهِ غَيْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>