للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٨٠] قَوْلُهُ (قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ) وَهُوَ غَزْوَةُ الْأَحْزَابِ (وَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ) لِأَنَّهُمْ كَانُوا السَّبَبَ فِي تَأْخِيرِهِمُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا إِمَّا الْمُخْتَارُ كَمَا وَقَعَ لِعُمَرَ وَإِمَّا مُطْلَقًا كَمَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ (مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَانَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ لفظة كاد من أفعال المتقاربة فَإِذَا قُلْتَ كَادَ زَيْدٌ يَقُومُ فُهِمَ مِنْهَا أَنَّهُ قَارَبَ الْقِيَامَ وَلَمْ يَقُمْ

قَالَ وَالرَّاجِحُ أَنْ لَا تَقْتَرِنَ بِأَنْ بِخِلَافِ عَسَى فَإِنَّ الراجع فِيهَا أَنْ تَقْتَرِنَ قَالَ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ قَالَ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَعْنَى كَادَ الْمُقَارَبَةُ فَقَوْلُ عُمَرَ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ قُرْبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ نَفْيَ الصَّلَاةِ يَقْتَضِي إِثْبَاتَهَا وَإِثْبَاتَ الْغُرُوبِ يَقْتَضِي نَفْيَهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ لِعُمَرَ ثُبُوتُ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَثْبُتِ الْغُرُوبُ انْتَهَى

قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْيَعْمُرِيُّ لِأَنَّ كَادَ إِذَا أُثْبِتَتْ نَفَتْ وَإِذَا نَفَتْ أُثْبِتَتْ كَمَا قَالَ فِيهَا الْمَعَرِّيُّ مُلْغِزًا

وَإِذَا نَفَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَثْبَتَتْ وَإِنْ أَثْبَتَتْ قَامَتْ مَقَامَ جُحُودِ فَإِنْ قِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ اخْتُصَّ بِأَنْ أَدْرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ وَالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ

فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّغْلُ وَقَعَ بِالْمُشْرِكِينَ إِلَى قرب غروب الشمس وكان عمر حينئذ متوضأ فَبَادَرَ فَأَوْقَعَ الصَّلَاةَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا قَدْ شَرَعَ يَتَهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ وَلِهَذَا قَامَ عِنْدَ الْإِخْبَارِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْوُضُوءِ قَالَهُ الْحَافِظُ (وَاَللَّهِ إِنْ صَلَّيْتُهَا) لَفْظَةُ إِنْ نَافِيَةٌ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا (قَالَ فَنَزَلْنَا بُطْحَانَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَادٍ بِالْمَدِينَةِ (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العصر بعد ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ وَأَجَابَ مَنِ اعْتَبَرَهُ بِأَنَّ الْمَغْرِبَ كَانَتْ حَاضِرَةً وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّاوِي الْأَذَانَ لَهَا وَقَدْ عُرِفَ مِنْ عادته

<<  <  ج: ص:  >  >>