بِالتَّخْفِيفِ (وَيُمَجِّدُونَكَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ يَذْكُرُونَكَ بِالْعَظَمَةِ أَوْ يَنْسُبُونَكَ إِلَى الْمَجْدِ وَهُوَ الْكَرَمُ (وَيَذْكُرُونَكَ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَإِذَا تَفَرَّقُوا أَيْ أَهْلُ الْمَجْلِسِ عَرَجُوا أَيِ الْمَلَائِكَةُ وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ قَالَ فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادِ لَكَ فِي الْأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَيُعَظِّمُونَ آلَاءَكَ وَيَتْلُونَ كِتَابَكَ وَيُصَلُّونَ عَلَى نَبِيِّكَ وَيَسْأَلُونَكَ لِآخِرَتِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ
قَالَ الْحَافِظُ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ الْمُرَادُ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَأَنَّهَا الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ بِأَنْوَاعِ الذِّكْرِ الْوَارِدَةِ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ وَغَيْرِهِمَا
وَعَلَى تِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَى الدُّعَاءِ بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَفِي دُخُولِ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَمُدَارَسَةِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَمُذَاكَرَتِهِ وَالِاجْتِمَاعِ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي هَذِهِ الْمَجَالِسِ نَظَرٌ
وَالْأَشْبَهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَجَالِسِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِمَا وَالتِّلَاوَةِ فَحَسْبُ
وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْحَدِيثِ وَمُدَارَسَةُ الْعِلْمِ وَالْمُنَاظَرَةُ فِيهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُسَمَّى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى
قُلْتُ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي الْعُمْدَةِ قَوْلُهُ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ يَتَنَاوَلُ الصَّلَاةَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَةَ الْحَدِيثِ وَتَدْرِيسَ الْعُلُومِ وَمُنَاظَرَةَ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوَهَا انْتَهَى
فَاخْتَلَفَ الْحَافِظُ وَالْعَيْنِيُّ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَأَهْلِ الذِّكْرِ الْخُصُوصُ أَوِ الْعُمُومُ فَاخْتَارَ الْحَافِظُ الْخُصُوصَ نَظَرًا إِلَى ظَاهِرِ أَلْفَاظِ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ وَاخْتَارَ الْعَيْنِيُّ للعموم نَظَرًا إِلَى أَنَّ مَا فِي هَذِهِ الطُّرُقِ مِنْ أَلْفَاظِ الذِّكْرِ تَمْثِيلَاتٌ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْخُصُوصُ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَقُولُ) أَيِ اللَّهُ (فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي) أَيْ لَوْ رَأَوْنِي مَا يَكُونُ حَالُهُمْ فِي الذِّكْرِ (وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا) أَيْ تَعْظِيمًا (وَأَشَدَّ لَكَ ذِكْرًا) فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ تَحَمُّلَ مَشَقَّةِ الْخِدْمَةِ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ (وَأَيَّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ) مني (فهل رَأَوْهَا) أَيِ الْجَنَّةَ (لَكَانُوا أَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا) لِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ (أُشْهِدُكُمْ) مِنَ الْإِشْهَادِ أَيْ أَجْعَلُكُمْ شَاهِدِينَ (إِنَّ فِيهِمْ فُلَانًا) كِنَايَةٌ عَنِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ (الْخَطَّاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute