[٣٦٢٣] قَوْلُهُ (عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) التَّيْمِيِّ مَوْلَاهُمْ أَبِي عُثْمَانَ الْمَدَنِيِّ الْمَعْرُوفُ بِرَبِيعَةَ الرَّأْيِ وَاسْمُ أَبِيهِ فَرُّوخٌ ثِقَةٌ فَقِيهٌ مَشْهُورٌ قال بن سَعْدٍ كَانُوا يَتَّقُونَهُ لِمَوْضِعِ الرَّأْيِ مِنَ الْخَامِسَةِ
قَوْلُهُ (لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ) أَيِ الْمُفْرِطِ فِي الطُّولِ خَارِجًا عَنِ الِاعْتِدَالِ وَالْبَائِنُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ بَانَ إِذَا ظَهَر وَهَذَا يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي قَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُولٌ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ مَرْبُوعًا مائِلًا إِلَى الطولِ بالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِصَرِ وَهُوَ الْمَمْدُوحُ (وَلَا بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وسكون الميم
هو الكَرِيهُ الْبَيَاضِ كَلَوْنِ الْجِصِّ (وَلَا بِالْآدَمِ) مِنَ الأدمة بالضم بمعنى السمرة أي لَيْسَ بِأَسْمَرَ وَهَذَا يُعَارِضُ مَا فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ فِي بَابِ الْجُمَّةِ وَاتِّخَاذِ الشَّعْرِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَسْمَرَ اللَّوْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ إِنَّمَا هُوَ شِدَّةُ السُّمْرَةِ فَلَا يُنَافِي إِثْبَاتَ السُّمْرَةِ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ أَسْمَرَ اللَّوْنِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ انْفَرَدَ بِهَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ وَرَوَاهُ عَنْهُ غَيْرُهُ مِنَ الرُّوَاةِ بِلَفْظِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَمَنْ رَوَى صِفَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ أَنَسٍ فَقَدْ وَصَفَهُ بِالْبَيَاضِ دونَ السُّمْرَةِ وَهُمْ خَمْسَةَ عشرة صَحَابِيًّا قَالَهُ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ وَحَاصِلُهُ تَرْجِيحُ رِوَايَةِ الْبَيَاضِ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ وَمَزِيدِ الْوَثَاقَةِ وَلِهَذَا قَالَ بن الْجَوْزِيِّ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ كُلِّهَا وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالسُّمْرَةِ الْحُمْرَةُ لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُطْلِقُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ أَسْمَرُ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيِّ كَانَ أَبْيَضَ بَيَاضُهُ إِلَى السُّمْرَةِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّمْرَةِ حُمْرَةٌ تُخَالِطُ الْبَيَاضَ وَبِالْبَيَاضِ الْمُثْبَتِ فِي رِوَايَةِ مُعْظَمِ الصَّحَابَةِ مَا يُخَالِطُ الْحُمْرَةَ وآدم بمد الهمزة وأصله أدم بِهَمْزَتَيْنِ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلُ أُبْدِلَتِ الثَّانِيَةُ أَلِفًا (وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ الْجَعْدِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَالْقَطَطُ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَبِفَتْحٍ فَكَسْرٍ فِي الْمِصْبَاحِ جَعُدَ الشَّعْرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا جُعُودَةً إِذَا كَانَ فِيهِ الْتِوَاءٌ وَانْقِبَاضٌ وَفِيهِ شَعْرٌ قَطَطٌ شَدِيدُ الْجُعُودَةِ وَفِي التَّهْذِيبِ الْقَطَطُ شَعْرُ الزِّنْجِ وَقَطَّ الشَّعْرُ يَقُطُّ مِنْ بَابِ رَدَّ وَفِي لُغَةٍ قَطِطَ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَالسَّبط بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَوْ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فِي التَّهْذِيبِ سَبِطَ الشَّعْرُ سَبَطًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ سَبِطٌ إِذَا كَانَ مُسْتَرْسِلًا وَسَبُطَ سُبُوطَةً فَهُوَ سَبْطٌ كَسَهُلَ سُهُولَةً فَهُوَ سَهْلٌ وَالْمُرَادُ أَنَّ شَعْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ نِهَايَةً فِي الْجُعُودَةِ وَلَا فِي السُّبُوطَةِ بَلْ كَانَ وَسَطًا بَيْنَهُمَا وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا (فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ) قَالَ الْحَافِظُ مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ عَاشَ سِتِّينَ سَنَةً وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ
وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَا بُدَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute