لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ
قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وصححه الترمذي وبن حِبَّانَ (وَقَدْ قَالَ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ (قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) احْتَجُّوا بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَبِمَا رُوِيَ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ قَالُوا بِهِمَا (وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمُ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَبَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ) وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ النَّهْيِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ وَادَّعَى النَّوَوِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ
وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ بِأنَّهُ قَدْ حُكِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا وَأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ مَنْسُوخَةٌ
قَالَ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ بن حَزْمٍ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْكَرَاهَةِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ مَا لَهُ سَبَبٌ واسْتَدَلَّ بِصَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ مَنْ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَنْهَى عَنْهُمَا وَيُوَاصِلُ وَيَنْهَى عَنِ الْوِصَالِ وَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَقْضِيهِمَا إِذَا فَاتَتَا فَقَالَ لَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهِيَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَا الطَّحَاوِيُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الَّذِي اخْتُصَّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ذَلِكَ لَا أَصْلُ الْقَضَاءِ انْتَهَى
وَفِي سَنَدِ حَدِيثِ عَائِشَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِالْعَنْعَنَةِ قَالَ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى كَرَاهَةِ التَّطَوُّعَاتِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ مُطْلَقًا
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْإِبَاحَةِ مُطْلَقًا بِأَدِلَّةٍ ثُمَّ ذَكَرَ تِلْكَ الْأَدِلَّةَ وَتَكَلَّمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا خَالِيًا عَنِ الْكَلَامِ ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْقَاضِيَةَ بِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ عَامَّةٌ فَمَا كَانَ أَخَصَّ مِنْهَا مُطْلَقًا كَحَدِيثِ يزيد بن الأسود وبن عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ وَقَضَاءِ