بن بُرَيْدَةَ يُصَلِّي قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّوْا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ خَشْيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ في صحيحه انتهى
وذكر بن الْجَوْزِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَنَقَلَ عَنِ الْفَلَّاسِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ حَيَّانُ هَذَا كَذَّابًا انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
وَأَمَّا رِوَايَةُ حَيَّانَ فَشَاذَّةٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَدُوقًا عِنْدَ الْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّهُ خَالَفَ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَكَانَ بُرَيْدَةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَلَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مَحْفُوظًا لَمْ يُخَالِفْ بُرَيْدَةُ رَاوِيَهُ انْتَهَى
قُلْتُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ حَدِيثٌ آخَرُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَأَلْنَا نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ رَأَيْتُنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَقُلْنَ لَا غَيْرَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ صَلَّاهُمَا عِنْدِي مَرَّةً فَسَأَلْتُهُ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ فَقَالَ نَسِيتُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ انْتَهَى
قُلْتُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ فَجَوَابُهُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ نَقْلًا عَنِ النَّوَوِيِّ مِنْ أَنَّهُ نَفْيٌ فَتُقَدَّمُ رِوَايَةُ الْمُثْبِتِ إِلَخْ
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ حَدِيثٌ آخَرُ مُعْضَلٌ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْآثَارِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ عَنِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَنَهَاهُ عَنْهَا وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَهَا انْتَهَى
قُلْتُ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ فَإِنَّهُ مُعْضَلٌ
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ هِيَ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا مَنْ مَنَعَ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا
وَادَّعَى بعضهم بنسخ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حَيْثُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسِ فَبَيَّنَ لَهُمْ بِذَلِكَ وَقْتَ الْجَوَازِ ثُمَّ نَدَبَ إِلَى الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْمَغْرِبِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَلَوِ اسْتَمَرَّتِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا لَكَانَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى مُخَالَفَةِ إِدْرَاكِ أَوَّلِ وَقْتِهَا
قُلْتُ هَذَا ادِّعَاءٌ مَحْضٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ طُرُقٍ قَوِيَّةٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأُبِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي مُوسَى وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُوَاظِبُونَ عَلَيْهِمَا
فَإِنْ قُلْتَ قَالَ الْعَيْنِيُّ في عمدة القارىء ادعى بن شَاهِينَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ