للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ وَسْوَسَتِهِ لَهُ بِحَسَبِ مَا تَصِلُ إِلَيْهِ قُدْرَتُهُ فَإِنْ قِيلَ عَدَمُ تَسْلِيطِهِ عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ يُؤْخَذُ بِطَرِيقِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لِأَنَّهُ إِذَا مَنَعَ مِنَ السُّلُوكِ فِي طَرِيقٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يُلَابِسَهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ وَسْوَسَتِهِ لَهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حُفِظَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ ثُبُوتُ الْعِصْمَةِ لِأَنَّهَا فِي حَقِّ النَّبِيِّ وَاجِبَةٌ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مُمْكِنَةٌ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَلْقَى عُمَرَ مُنْذُ أَسْلَمَ إِلَّا خَرَّ بِوَجْهِهِ وَهَذَا دَالٌّ عَلَى صَلَابَتِهِ فِي الدِّينِ وَاسْتِمْرَارِ حَالِهِ عَلَى الْجِدِّ الصِّرْفِ وَالْحَقِّ الْمَحْضِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الشَّيْطَانَ يَهْرَبُ إِذَا رَآهُ انْتَهَى

إِنْ كُنْتُ جَالِسًا اسْتِئْنَافُ تَعْلِيلٍ وَهِيَ تَضْرِبُ حَالٌ قَوْلُهُ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَذَكَرَ الْحَافِظُ حَدِيثَ بُرَيْدَةَ هَذَا فِي الْفَتْحِ وَسَكَتَ عَنْهُ قَوْلُهُ وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ أَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَفِيهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ هَذَا [٣٦٩١] قَوْلُهُ فَسَمِعْنَا لَغَطًا بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَانِ صَوْتًا شَدِيدًا وَضَجَّةً لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهَا (فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ جَارِيَةٌ أَوِ امْرَأَةٌ مَنْسُوبَةٌ إِلَى الْحَبَشِ (تَزْفِنُ) بِسُكُونِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَيُضَمُّ أَيْ تَرْقُصُ وَتَلْعَبُ (وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا) أَيْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَيَتَفَرَّجُونَ عَلَيْهَا (تَعَالَيْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ هَلُمِّي وَتَقَدَّمِي (فَوَضَعْتُ لَحْيَيَّ) بِالْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ تَثْنِيَةُ لَحْيٍ بِالْفَتْحِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَنْبَتُ اللِّحْيَةِ مِنَ الْإِنْسَانِ (عَلَى مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَهُوَ مُجْتَمَعُ رَأْسِ الْكَتِفِ وَالْعَضُدِ (إِلَيْهَا) أَيِ الْحَبَشِيَّةِ (مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ إِلَى رَأْسِهِ) ظَرْفٌ لِأَنْظُرَ حُذِفَ مِنْهُ فِي أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ إِلَى رَأْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَجَعَلْتُ أَقُولُ لَا لِأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ) أَيْ لَا لِعَدَمِ الشِّبَعِ حِرْصًا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>