للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهَا أَنَّ الْجَمْعَ الْمَذْكُورَ كَانَ لِلْمَرَضِ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ قَالَ الْحَافِظُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَمْعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِعَارِضِ الْمَرَضِ لَمَا صَلَّى مَعَهُ إِلَّا مَنْ لَهُ نَحْوُ ذَلِكَ الْعُذْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بِأَصْحَابِهِ وَقَدْ صرح بذلك بن عَبَّاسٍ فِي رِوَايَتِهِ

وَمِنْهَا أَنَّ الْجَمْعَ الْمَذْكُورَ كَانَ لِعُذْرِ الْمَطَرِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ

وَمِنْهَا أَنَّهُ كَانَ فِي غَيْمٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ انْكَشَفَ الْغَيْمُ وَبَانَ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ دَخَلَ فَصَلَّاهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَدْنَى احْتِمَالٍ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

وَمِنْهَا أَنَّ الْجَمْعَ الْمَذْكُورَ صُورِيٌّ بِأَنْ يَكُونَ أَخَّرَ الظُّهْرَ لِآخِرِ وَقْتِهَا وَعَجَّلَ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ مُخَالَفَةً لَا تُحْتَمَلُ

قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا الَّذِي ضَعَّفَهُ قَدِ اسْتَحْسَنَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَرَجَّحَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَجَزَمَ به من القدماء بن الماجشون والطحاوي وقواه بن سَيِّدِ النَّاسِ بِأَنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ وَهُوَ رَاوِي الحديث عن بن عَبَّاسٍ قَدْ قَالَ بِهِ قَالَ الْحَافِظُ وَيُقَوِّي مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْجَمْعِ الصُّورِيِّ أَنَّ طُرُقَ الْحَدِيثِ كُلَّهَا لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِوَقْتِ الْجَمْعِ فإما أن يحتمل عَلَى مُطْلَقِهَا فَيَسْتَلْزِمُ إِخْرَاجَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا الْمَحْدُودِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى صِفَةِ مَخْصُوصَةٍ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِخْرَاجَ وَيُجْمَعُ بِهَا بَيْنَ مُفْتَرَقِ الْأَحَادِيثِ فَالْجَمْعُ الصُّورِيُّ أَوْلَى انْتَهَى قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَعَيُّنِ حَمْلِ حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ ما أخرجه النسائي عن بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وعجل العشاء فهذا بن عَبَّاسٍ رَاوِي حَدِيثِ الْبَابِ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ مَا رَوَاهُ مِنَ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْجَمْعُ الصُّورِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّوْكَانِيُّ مُؤَيِّدَاتٍ أُخْرَى لِلْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَدَفَعَ إِيرَادَاتٍ تَرُدُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا فَلْيَرْجِعْ إِلَى النَّيْلِ وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ أَوْلَى الْأَجْوِبَةِ عِنْدِي وَأَقْوَاهَا وَأَحْسَنُهَا فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ التَّوْفِيقُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ مُفْتَرَقِ الْأَحَادِيثِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

قَوْلُهُ (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ هَذَا) أَيْ مَا يُخَالِفُ هَذَا الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>