للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٧٨٨] قَوْلُهُ (عَنْ عَطِيَّةَ) هُوَ الْعَوفِيُّ

قَوْلُهُ (أَحَدُهُمَا) وَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ (أَعْظَمُ مِنَ الْآخَرِ) وَهُوَ الْعِتْرَةُ (كِتَابَ اللَّهِ) بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ (حَبْلٌ مَمْدُودٌ) أَيْ هُوَ حَبْلٌ مَمْدُودٌ وَمِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ يُوصِلُ الْعَبْدَ إِلَى رَبِّهِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى قُرْبِهِ (وَعِتْرَتِي) أَيْ وَالثَّانِي عِتْرَتِي (أَهْلَ بَيْتِي) بَيَانٌ لِعِتْرَتِي قَالَ الطِّيبِيُّ فِي قَوْلِهِ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ التَّوْأَمَيْنِ الْخِلْفَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ يُوصِي الْأُمَّةَ بِحُسْنِ الْمُخَالَقَةِ مَعَهُمَا وَإِيثَارِ حَقِّهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ كَمَا يُوصِي الْأَبُ الْمُشْفِقُ النَّاسَ فِي حَقِّ أَوْلَادِهِ وَيُعَضِّدُهُ مَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي كَمَا يَقُولُ الْأَبُ الْمُشْفِقُ اللَّهَ اللَّهَ فِي حَقِّ أَوْلَادِي (وَلَنْ يَتَفَرَّقَا) أَيْ كِتَابُ اللَّهِ وَعِتْرَتِي فِي مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ (حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (الْحَوْضَ) أَيِ الْكَوْثَرَ يَعْنِي فَيَشْكُرَانِكُمْ صَنِيعَكُمْ عِنْدِي (فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِّي) بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَتُخَفَّفُ أَيْ كَيْفَ تَكُونُونَ بَعْدِي خُلَفَاءَ أَيْ عَامِلِينَ مُتَمَسِّكِينَ بِهِمَا

قَالَ الطِّيبِيُّ لَعَلَّ السِّرَّ فِي هَذِهِ التَّوْصِيَةِ وَاقْتِرَانَ الْعِتْرَةِ بِالْقُرْآنِ أَنَّ إِيجَابَ مَحَبَّتِهِمْ لَائِحٌ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي القربى فَإِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ شُكْرَ إِنْعَامِهِ وَإِحْسَانِهِ بِالْقُرْآنِ مَنُوطًا بِمَحَبَّتِهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِي الْأُمَّةَ بِقِيَامِ الشُّكْرِ

وَقِيلَ تِلْكَ النِّعْمَةُ بِهِ وَيُحَذِّرُهُمْ عَنِ الْكُفْرَانِ فَمَنْ أَقَامَ بِالْوَصِيَّةِ وَشَكَرَ تِلْكَ الصَّنِيعَةَ بِحُسْنِ الْخِلَافَةِ فِيهِمَا لَنْ يَفْتَرِقَا فَلَا يُفَارِقَانِهِ فِي مَوَاطِنِ الْقِيَامَةِ وَمَشَاهِدِهَا حَتَّى يَرِدَ الْحَوْضَ فَشَكَرَا صَنِيعَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحِينَئِذٍ هُوَ بِنَفْسِهِ يُكَافِئُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى يُجَازِيهِ بِالْجَزَاءِ الْأَوْفَى وَمَنْ أَضَاعَ الْوَصِيَّةَ وَكَفَرَ النِّعْمَةَ فَحُكْمُهُ عَلَى الْعَكْسِ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ حَسُنَ مَوْقِعُ قَوْلِهِ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا وَالنَّظَرُ بِمَعْنَى التَّأَمُّلِ وَالتَّفَكُّرِ أَيْ تَأَمَّلُوا وَاسْتَعْمِلُوا الرَّوِيَّةَ فِي اسْتِخْلَافِي إِيَّاكُمْ هَلْ تَكُونُونَ خَلْفَ صِدْقٍ أَوْ خَلْفَ سُوءٍ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَلَفْظُهُ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثِقْلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي الْحَدِيثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>