عَمَّارٌ (اغْرُبْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا) أَيِ ابْعُدْ كَأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْغُرُوبِ وَالِاخْتِفَاءِ وَالْمَنْبُوحُ مَنْ يُطْرَدُ وَيُرَدُّ (أتؤذي حبيبة رسول الله) يَعْنِي عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ) اسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْأَسَدِيِّ) أَبُو مَرْيَمَ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
[٣٨٨٩] قَوْلُهُ (هِيَ زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَعْنِي عَائِشَةَ) كَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلَاكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوِ إِيَّاهَا
قَالَ الْعَيْنِيُّ قوله بعث علي أي بن أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَالْحَسَنَ ابْنَهُ إِلَى الْكُوفَةِ لِأَجْلِ نُصْرَتِهِ فِي مُقَاتَلَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَائِشَةَ بِالْبَصْرَةِ وَيُسَمَّى بِيَوْمِ الْجَمَلِ بِالْجِيمِ وَقَوْلُهُ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ أَيْ لِيَسْتَنْجِدَهُمْ وَيَسْتَنْصِرَهُمْ مِنَ الِاسْتِنْفَارِ وَهُوَ الِاسْتِنْجَادُ وَالِاسْتِنْصَارُ وَقَوْلُهُ خَطَبَ جَوَابُ لَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهَا أَيْ إِنَّ عَائِشَةَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ في الدنيا والاخرة
وروى بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عائشة أن النبي قَالَ لَهَا أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا فَلَعَلَّ عَمَّارًا كَانَ سمع هذا الحديث من النبي وَقَالَ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ لِتَتَّبِعُوهُ أَوِ إِيَّاهَا
قبل الضَّمِيرُ لِعَلِيٍّ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ عَمَّارٌ يَدْعُو إِلَيْهِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لِلَّهِ
وَالْمُرَادُ بِاتِّبَاعِ اللَّهِ حُكْمُهُ الشَّرْعِيُّ فِي طَاعَةِ الْإِمَامِ وَعَدَمِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وقرن في بيوتكن فَإِنَّهُ أَمْرٌ حَقِيقِيٌّ خُوطِبَ بِهِ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ
وَلِهَذَا كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ لَا يُحَرِّكُنِي ظهر بعير حتى ألقي النبي وَالْعُذْرُ فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً هِيَ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَكَانَ مُرَادُهُمْ إِيقَاعَ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَأَخْذَ الْقِصَاصِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَكَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الطَّاعَةِ وَطَلَبِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْقِصَاصَ مِمَّنْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ بِشُرُوطِهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ