للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٩٢٢] قَوْلُهُ (طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ) أَيْ ظَهَرَ (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا) قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ أُحُدًا يُحِبُّنَا حَقِيقَةً جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ تَمْيِيزًا يُحِبُّ بِهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خشية الله وَكَمَا حَنَّ الْجِذْعُ الْيَابِسُ وَكَمَا سَبَّحَ الْحَصَى وكما في الحجر بثوب موسى قَالَ وَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ شَوَاهِدُ لِمَا اخْتَرْنَاهُ وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ وَإِنَّ أُحُدًا يُحِبُّنَا حَقِيقَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ يُحِبُّنَا أَهْلُهُ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ انْتَهَى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ) نِسْبَةُ التَّحْرِيمِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بِاعْتِبَارِ دُعَائِهِ وَسُؤَالِهِ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ أَنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ (وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) مَعْنَاهُ اللَّابَتَانِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَالْمُرَادُ تَحْرِيمُ الْمَدِينَةِ وَلَابَتَيْهَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ

وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَالزُّهْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالُوا الْمَدِينَةُ لَهَا حَرَمٌ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُ شَجَرِهَا وَلَا أَخْذُ صَيْدِهَا وَلَكِنَّهُ لَا يَجِبُ الْجَزَاءُ فِيهِ عِنْدَهُمْ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَإِنَّهُ قَالَ يَجِبُ الْجَزَاءُ وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ سَلَبُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ إِلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ مَنِ اصْطَادَ فِي الْمَدِينَةِ صَيْدًا أُخِذَ سَلَبُهُ وَيَرْوِي فِيهِ أَثَرًا عَنْ سَعْدٍ وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ بِخِلَافِهِ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ لِلْمَدِينَةِ حَرَمٌ كَمَا كَانَ لِمَكَّةَ فَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِ صَيْدِهَا وَقَطْعِ شَجَرِهَا كَذَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْعَيْنِيِّ

وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أَبِي عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النفير وَقَالَ لَوْ كَانَ صَيْدُهَا حَرَامًا مَا جَازَ حَبْسُ الطَّيْرِ

وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَيْدِ الْحِلِّ قَالَ أَحْمَدُ مَنْ صَادَ مِنَ الْحِلِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْمَدِينَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِرْسَالُهُ لِحَدِيثِ أَبِي عُمَيْرٍ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ لَكِنْ لَا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّ صَيْدَ الْحِلِّ عِنْدَهُمْ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْحَرَمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قِصَّةُ أَبِي عُمَيْرٍ كَانَتْ قَبْلَ التَّحْرِيمِ

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ قَطْعِ النَّخْلِ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ قَطْعُ شَجَرِهَا حَرَامًا مَا فَعَلَهُ

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ وَحَدِيثُ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ كَانَ بَعْدَ رُجُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>