وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ وَمُرَادُهُ بِحَدِيثِ الْبَابِ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ بِلَفْظِ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَأَذِّنَا الْفَضْلَ وَإِلَّا فَأَذَانُ الْوَاحِدِ يُجْزِئُ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ أَمَرَهُمَا أَنْ يُؤَذِّنَا جَمِيعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَتَعَقَّبَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ وَذَكَرَ فِي ضِمْنِ تَعَقُّبِهِ تَوْجِيهًا آخَرَ لِقَوْلِهِ فَأَذِّنَا حَيْثُ قَالَ فَإِنْ أَرَادَ يَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ بْنَ الْقَصَّارِ أَنَّهُمَا يُؤَذِّنَانِ مَعًا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ
وَقَدْ قَدَّمْنَا النَّقْلَ عَنِ السَّلَفِ بِخِلَافِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُؤَذِّنُ عَلَى حِدَةٍ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ أَذَانَ الْوَاحِدِ يَكْفِي الْجَمَاعَةَ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَحَدٍ إِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ فَالْأَوْلَى حَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يُؤَذِّنُ وَالْآخَرَ يُجِيبُ قَالَ وَالْحَامِلُ عَلَى صَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ قَوْلُهُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا كُنْتَ مَعَ صَاحِبِكَ فَلْيُؤَذِّنْ وَأَقِمْ وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا انْتَهَى (وَأَقِيمَا) أَيْ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمَا أَنْ يُقِيمَ فَلْيُقِمْ قَالَ الْحَافِظُ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ بِالْإِقَامَةِ إِنْ حمل الأمر على ما قضى وَإِلَّا فَاَلَّذِي يُؤَذِّنُ هُوَ الَّذِي يُقِيمُ انْتَهَى (وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا) أَيْ سِنًّا
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَوْلُهُ وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا يَدُلُّ عَلَى تَسَاوِيهِمَا فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ وَرَجَّحَ أَحَدَهُمَا بِالسِّنِّ
قَالَ الْعَيْنِيُّ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مُسْتَوِينَ فِي بَاقِي الْخِصَالِ لِأَنَّهُمْ هَاجَرُوا جَمِيعًا وَصَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَازَمُوهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً فَاسْتَوَوْا فِي الْأَخْذِ عَنْهُ فَلَمْ يَبْقَ مَا يُقَدَّمُ بِهِ إِلَّا السِّنُّ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
قَالَ مَيْرُكُ وَرَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ مُتَقَارِبٌ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ فِيهِ قِصَّةً كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتَارُوا الْأَذَانَ فِي السَّفَرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ المسافر منفردا (وقال بعضهم تجزىء الْإِقَامَةُ إِنَّمَا الْأَذَانُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ) رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّمَا التَّأْذِينُ لِجَيْشٍ أَوْ رَكْبٍ عَلَيْهِمْ أَمِيرٌ فَيُنَادِي بِالصَّلَاةِ لِيَجْتَمِعُوا فَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَإِنَّمَا هِيَ الْإِقَامَةُ وَحُكِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِكُلِّ أَحَدٍ كَذَا في فتح الباري قلت وكان بن عُمَرَ يُؤَذِّنُ فِي السَّفَرِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُقِيمُ رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْإِقَامَةِ فِي السَّفَرِ إِلَّا فِي الصُّبْحِ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَادِي فِيهَا وَيُقِيمُ
وَكَانَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَذَانُ لِلْإِمَامِ الَّذِي يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ النَّاسُ قَالَ الزُّرْقَانِيُّ وَذَلِكَ لِإِظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِغَارَةِ عَلَى الْكُفَّارِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute