تشديد النون على التوكيد والنهى قال بن سَيِّدِ النَّاسِ الْأَحْلَامُ وَالنُّهَى بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَهِيَ الْعُقُولُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِأُولِي الْأَحْلَامِ الْبَالِغُونَ وَبِأُولِي النُّهَى الْعُقَلَاءُ
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْعَطْفُ فِيهِ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ وَأُلْفِي قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنًا وَهُوَ أَنَّ تَغَايُرَ اللَّفْظِ قَائِمٌ مَقَامَ تَغَايُرِ الْمَعْنَى وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ لِكُلِّ لَفْظٍ مَعْنًى مُسْتَقِلٌّ انْتَهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الَّذِينَ يَقْرَبُونَ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْوَصْفِ انْتَهَى
وَقَالَ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ كَالْمُرَاهِقِينَ أَوِ الَّذِينَ يَقْرَبُونَ الْأَوَّلِينَ فِي النُّهَى وَالْحِلْمِ (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) قَالَ القارىء كَالصِّبْيَانِ الْمُمَيِّزِينَ وَالَّذِينَ هُمْ أَنْزَلُ مَرْتَبَةً مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ حِلْمًا وَعَقْلًا وَالْمَعْنَى هَلُمَّ جَرًّا فَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَالنِّسَاءِ فَإِنَّ نَوْعَ الذَّكَرِ أَشْرَفُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِمُ الْخَنَاثَى فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَرْتِيبِ الصُّفُوفِ انْتَهَى كَلَامُ القارىء (وَلَا تَخْتَلِفُوا) أَيْ بِالْأَبْدَانِ (فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ) أَيْ أَهَوِيَتُهَا وَإِرَادَتُهَا
قَالَ الطِّيبِيُّ فَتَخْتَلِفَ بِالنَّصْبِ أَيْ عَلَى جَوَابِ النَّهْيِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَلْبَ تَابِعٌ لِلْأَعْضَاءِ فَإِذَا اخْتَلَفَتِ اخْتَلَفَ وَإِذَا اخْتَلَفَ فَسَدَ فَفَسَدَتِ الْأَعْضَاءُ لِأَنَّهُ رَئِيسُهَا (وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الْأَسْوَاقِ) قَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ
أَيِ اخْتِلَاطَهَا وَالْمُنَازَعَةَ وَالْخُصُومَاتِ وَارْتِفَاعَ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطَ وَالْفِتَنَ الَّتِي فِيهَا انْتَهَى وَفِي الْمِرْقَاةِ جَمْعُ هَيْشَةٍ وَهِيَ رَفْعُ الْأَصْوَاتِ نَهَاهُمْ عَنْهَا لِأَنَّ الصَّلَاةَ حُضُورٌ بَيْنَ يَدَيِ الْحَضْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا فِيهَا عَلَى السُّكُوتِ وَآدَابِ الْعُبُودِيَّةِ وَقِيلَ هِيَ الِاخْتِلَاطُ وَالْمَعْنَى لَا تَكُونُوا مُخْتَلَطِينَ اخْتِلَاطَ أَهْلِ الْأَسْوَاقِ فَلَا يَتَمَيَّزُ أَصْحَابُ الْأَحْلَامِ وَالْعُقُولِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَا يَتَمَيَّزُ الصِّبْيَانُ وَالْإِنَاثُ مِنْ غَيْرِهِمْ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْأَنْسَبُ بِالْمَقَامِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى قُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِأُمُورِ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَلُونِي
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَالْبَرَاءِ وَأَنَسٍ) أَمَّا حديث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute