للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْجَهْرِ بِالتَّأْمِينِ (وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) قَالَ الْحَافِظُ بن الْقَيِّمِ سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنِ الْإِمَامِ هَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِآمِينَ قَالَ نَعَمْ وَيَرْفَعُ بِهَا مَنْ خَلْفَهُ أَصْوَاتَهُمْ إِلَى أَنْ قَالَ وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْنِي الْجَهْرَ بِالتَّأْمِينِ لِلْإِمَامِ وَلِمَنْ خَلْفَهُ هُوَ الرَّاجِحُ الْقَوِيُّ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ الْبَابِ

وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ بِالْإِسْرَارِ بِالتَّأْمِينِ وَالْإِخْفَاءِ بِهِ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ وَائِلٍ الَّذِي ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ هَذَا بلفظ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالَ آمِينَ وخفض بها صَوْتَهُ

وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ كَمَا سَتَعْرِفُ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثِ سُمْرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّهُ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكْتَتَيْنِ سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضالين قَالَ الْأَظْهَرُ أَنَّ السَّكْتَةَ الثَّانِيَةَ كَانَتْ لِلتَّأْمِينِ سِرًّا

وَالْجَوَابُ أَنَّ السَّكْتَةَ الثَّانِيَةَ لَمْ تَكُنْ لِلتَّأْمِينِ سِرًّا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْهَرُ صَوْتُهُ بِالتَّأْمِينِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْرَارُ بِالتَّأْمِينِ فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّهَا كَانَتْ لِلتَّأْمِينِ سِرًّا بَلِ السَّكْتَةُ الثَّانِيَةُ كَانَتْ لِأَنْ يَتَرَادَّ إِلَيْهِ نَفَسُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَتَادَةُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِأَثَرِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ كَانَ عمر وعلي لا يجهران ببسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَا بِالتَّعَوُّذِ وَلَا بِآمِينَ

وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْأَثَرَ ضَعِيفٌ جِدًّا فَإِنَّ في سنده سعيد بن المرذبان الْبَقَّالُ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ تَرَكَهُ الْفَلَّاسُ وقال بن مَعِينٍ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ انْتَهَى وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ أَبَانِ بن جبلة الكوفي نقل بن الْقَطَّانِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ كُلُّ مَنْ قُلْتُ فِيهِ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ فَلَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ انْتَهَى

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ خَمْسٌ يُخْفِيهِنَّ الْإِمَامُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَالتَّعَوُّذَ وَبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَآمِينَ وَاللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ

وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ الصَّحِيحَةِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ

قَالَ الْفَاضِلُ اللَّكْنَوِيُّ فِي السِّعَايَةِ أَمَّا أَثَرُ النَّخَعِيِّ وَنَحْوُهُ فَلَا يُوَازِي الرِّوَايَاتِ الْمَرْفُوعَةَ انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَرَوَى شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجْرٍ أَبِي الْعَنْبَسِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>