قُلْنَا كُلُّ مَنْ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ سفيان عن سلمة بن كهيل عن الحجر أَبِي الْعَنْبَسِ فَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ أَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ قَدْ خَالَفَ فِي ذِكْرِ حُجْرٍ أَبِي الْعَنْبَسِ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ فَإِنَّهُمَا قَالَا فِي رِوَايَتِهِمَا حُجْرُ بْنُ الْعَنْبَسِ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ الْمَذْكُورَةِ وَهُمَا أَحْفَظُ وَأَتْقَنُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ وَأَمَّا رِوَايَةُ وَكِيعٍ وَالْمُحَارِبِيِّ فَقَدْ تَفَرَّدَ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكَنَدِيُّ
وَقَدْ خَالَفَ فِي ذِكْرِ حُجْرٍ أَبِي الْعَنْبَسِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظَ قَالُوا فِي رِوَايَاتِهِمْ حُجْرُ بْنُ الْعَنْبَسِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بْنِ عَنْبَسَ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالَ آمِينَ يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ ثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ قَالَا نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ حُجْرِ بْنِ عَنْبَسَ قَالَ سَمِعْتُ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ غير المغضوب عليهم ولا الضالين قَالَ آمِينَ وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ
قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ هَذَا هُوَ الْمُحَارِبِيُّ فَفِي كَوْنِ لَفْظِ أَبِي الْعَنْبَسِ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ مَحْفُوظًا كَلَامٌ
فَإِنْ قِيلَ قَدْ أَجَابَ الْعَيْنِيُّ أَيْضًا عَمَّا نَسَبَ التِّرْمِذِيُّ إِلَى شُعْبَةَ مِنْ خَطَئِهِ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ وَقَوْلُهُ وَزَادَ فِيهِ عَلْقَمَةَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ زِيَادَةَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ لَا سِيَّمَا مِنْ مِثْلِ شُعْبَةَ انْتَهَى
قُلْنَا قد عرفت انفا أن شعبة كان يخطىء كَثِيرًا فِي الرِّجَالِ وَأَنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ لَا ثِقَةٌ ولا ضعيف وقد خالف في ذِكْرَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ سُفْيَانُ وَالْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ وَعَلِيُّ بْنُ الصَّالِحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَذْكُرُوا فِي رِوَايَاتِهِمْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَسَتَعْرِفُ أَنَّ سُفْيَانَ أَحْفَظُ مِنْ شُعْبَةَ وَأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ شُعْبَةَ إِذَا خَالَفَ سُفْيَانَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ سُفْيَانَ وَمَعَ هَذَا كُلُّهُ قَدْ نَصَّ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّ شُعْبَةَ أَخْطَأَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ شُعْبَةَ أَخْطَأَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (وَقَالَ خَفَضَ بِهَا صَوْتَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ) هَذَا هُوَ الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَخْطَأَ فِيهَا شُعْبَةُ فَقَوْلُ شُعْبَةَ فِيهِ وَخَفَضَ بِهَا صَوْتَهُ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ كَمَا رَوَاهُ سُفْيَانُ
فَإِنْ قِيلَ إِنَّ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ كِلَيْهِمَا ثِقَتَانِ ثَبْتَانِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمَا أَحَقُّ بِالْخَطَأِ مِنَ الْآخَرِ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ سُفْيَانَ هُوَ الَّذِي أَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ فَأَيُّ دَلِيلٍ عَلَى أن المخطىء هو شعبة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute