للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحٌ وَتَرَكُوا أَحَادِيثَ وَضْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ أَخْرَجَ مَالِكٌ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْمَذْكُورَ وَقَدْ عَقَدَ لَهُ بَابًا بِلَفْظِ وَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ فَذَكَرَ أَوَّلًا أَثَرَ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ أَنَّهُ قَالَ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَوَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ يَضَعُ الْيُمْنَى عَلَى اليسرى وتعجيل الفطر والاستيناس بِالسَّحُورِ

ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْمَذْكُورَ (وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنْ يَضَعَهُمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنْ يَضَعَ تَحْتَ السُّرَّةِ) قَدْ أَجْمَلَ التِّرْمِذِيُّ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَلَنَا أَنْ نُفَصِّلَهُ

فَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرَّجُلَ يَضَعُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ وَالْمَرْأَةَ تَضَعُهُمَا عَلَى الصَّدْرِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَمَّا الْإِمَامُ مَالِكٌ فَعَنْهُ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ عَنْهُ أَنَّهُ يُرْسِلُ يَدَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالسَّرَخْسِيُّ فِي مُحِيطِهِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ مَالِكٍ

وَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ الشَّاسِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِعِقْدِ الْجَوَاهِرِ الثَّمِينَةِ فِي مَذْهَبِ عَالِمِ الْمَدِينَةِ وَالزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ أَنَّ إِرْسَالَ اليد رواية بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَزَادَ الزُّرْقَانِيُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ

الثَّانِيَةُ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ تَحْتَ الصَّدْرِ فَوْقَ السُّرَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ عَنْ مَالِكٍ وَفِي عِقْدِ الْجَوَاهِرِ أَنَّ هَذِهِ رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَالْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ

الثَّالِثَةُ أَنَّهُ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْوَضْعِ وَالْإِرْسَالِ وَذَكَرَ فِي عِقْدِ الْجَوَاهِرِ وَشَرْحِ الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَدَنِيِّينَ

وَأَمَّا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فَعَنْهُ أَيْضًا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا أَنَّهُ يَضَعُهُمَا تَحْتَ الصَّدْرِ فَوْقَ السُّرَّةِ وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَهِيَ الْمُخْتَارَةُ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي أَكْثَرِ مُتُونِهِمْ وَشُرُوحِهِمْ

الثَّانِيَةُ وَضْعُهُمَا عَلَى الصَّدْرِ وَهِيَ الرواية التي نقلها صاحب الهداية من الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ إِنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَاوِي مِنْ كُتُبِهِمْ

الثَّالِثَةُ وَضْعُهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ

وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِلَفْظِ قِيلَ وَقَالَ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ إِنَّهَا رِوَايَةٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ

وَأَمَّا الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَعَنْهُ أَيْضًا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا وَضْعُهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَالثَّانِيَةُ وَضْعُهُمَا تَحْتَ الصَّدْرِ وَالثَّالِثَةُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا وَأَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْحَنَابِلَةِ هَذَا كُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ فَوْزِ الْكِرَامِ لِلشَّيْخِ مُحَمَّد قَائِم السِّنْدِيِّ وَدَرَاهِمِ الصُّرَّةِ لِمُحَمَّد هَاشِم السِّنْدِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>