للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ

وَالدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ اللَّازِمِ أَنَّ كُلَّ زِيَادَةٍ هَذَا شَأْنُهَا قَبِلَهَا الْمُحَدِّثُونَ الْمُتَقَدِّمُونَ كَالشَّافِعِيِّ وَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا قَبِلَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ إِلَّا إِنْ ظَهَرَتْ لَهُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَحِينَئِذٍ لَا يَقْبَلُونَهَا

أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ الْبُخَارِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ أَدْخَلَ فِي صَحِيحِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا تَفَرَّدَ بِهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ بِزِيَادَةٍ فِيهِ غَيْرِ مُنَافِيَةٍ وَلَمْ يَزِدْهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ أَوْ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ وَأَحْفَظُ وَقَدْ طَعَنَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ بِإِدْخَالِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي صَحِيحِهِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ

وَقَدْ أَجَابَ الْمُحَقِّقُونَ عَنْ هَذَا الطَّعْنِ بِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ صحيحة

قال الحافظ في مقدمة ص ٤٠٢ الفتح فَالْأَحَادِيثُ الَّتِي انْتَقَدْتُ عَلَيْهِمَا أَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ تنقسم أقساما ثم بين الحافظ والقسم الأول والثاني ثم قال القسم الثالث منها مَا تَفَرَّدَ بِهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ بِزِيَادَةٍ فِيهِ دُونَ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عَدَدًا أَوْ أَضْبَطُ مِمَّنْ لَمْ يَذْكُرْهَا

فَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ التَّعْلِيلُ بِهِ إِلَّا إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُنَافِيَةً بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ لَا مُنَافَاةَ فِيهَا بِحَيْثُ يَكُونُ كَالْحَدِيثِ الْمُسْتَقِلِّ

فَلَا اللَّهُمَّ إِلَّا إِنْ وَضَحَ بِالدَّلَائِلِ الْقَوِيَّةِ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ فِي الْمَتْنِ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ رُوَاتِهِ فَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ فَهُوَ مُؤَثِّرٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ انْتَهَى

وَأَيْضًا قَالَ الْحَافِظُ فِيهَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي غَسَّانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ الْحَدِيثَ

وَفِيهِ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ

وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بالخواتيم قال وقد رواه بن أَبِي حَازِمٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدٌ الْجُمَحِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فَلَمْ يَقُولُوا فِي آخِرِهِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ قَالَ الْحَافِظُ زَادَهَا أَبُو غَسَّانَ وَهُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ فَاعْتَمَدَهُ الْبُخَارِيُّ انْتَهَى

وَقَدْ صَرَّحَ بِقَبُولِ مِثْلِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بن التُّرْكُمَانِيِّ فِي الْجَوْهَرِ النَّقِيِّ وَالْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ بَلْ أَشَارَ النِّيمَوِيُّ نَفْسُهُ فِي كِتَابِهِ آثَارِ السُّنَنِ أَيْضًا بِقَبُولِ مِثْلِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ ص ١٧ حَيْثُ قَالَ فَزِيَادَتُهُ أَيْ زِيَادَةُ الْحُمَيْدِيِّ تُقْبَلُ جِدًّا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُنَافِيَةً لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ انْتَهَى

فَلَمَّا ظَهَرَ بُطْلَانُ اللَّازِمِ ثَبَتَ بُطْلَانُ الْمَلْزُومِ أَعْنِي بُطْلَانَ تَعْرِيفِ الشَّاذِّ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ آثَارِ السُّنَنِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ

فَإِنْ قُلْتَ فَمَا تَعْرِيفُ الشَّاذِّ الَّذِي عليه المحققون

قلت قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْبَارِي ص ٤٤٥ وَأَمَّا الْمُخَالَفَةُ وَيَنْشَأُ عَنْهَا الشُّذُوذُ وَالنَّكَارَةُ فَإِذَا رَوَى الضَّابِطُ أَوِ الصَّدُوقُ شَيْئًا فَرَوَاهُ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُ عَدَدًا بِخِلَافِ مَا رَوَى بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ عَلَى قَوَاعِدِ الْمُحَدِّثِينَ فَهَذَا شَاذٌّ انْتَهَى

فَهَذَا التَّعْرِيفُ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>