قوله (حديث بن عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ إِلَخْ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ يَخْتَارُونَ الْإِشَارَةَ فِي التَّشَهُّدِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَصْحَابِنَا أَهْلُ الْحَدِيثِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَكَانَ لِلتِّرْمِذِيِّ أَنْ يَقُولَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي هَذَا خِلَافُ السَّلَفِ
قَالَ محمد في موطأه بعد ذكر حديث بن عُمَرَ فِي الْإِشَارَةِ وَبِصُنْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَأْخُذُ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة انتهى
قال علي القارىء وَكَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَلَا يُعْرَفُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ السَّلَفِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا خَالَفَ فِيهَا بَعْضُ الْخَلَفِ فِي مَذْهَبِنَا مِنَ الْفُقَهَاءِ انْتَهَى
وَقَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ أَصْحَابُنَا الثَّلَاثَةُ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا اتَّفَقُوا عَلَى تَجْوِيزِ الْإِشَارَةِ لِثُبُوتِهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ بِرِوَايَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَقَدْ قَالَ بِهِ غَيْرُ واحد من العلماء حتى قال بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَإِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى مِنْ صَنِيعِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَصْحَابِ الْفَتَاوَى كَصَاحِبِ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ ذَكَرُوا أَنَّ الْمُخْتَارَ عَدَمُ الْإِشَارَةِ بَلْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فَالْحَذَرُ الْحَذَرُ مِنَ الِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ أَصْحَابُنَا يُشِيرُ عِنْدَ قَوْلِهِ إِلَّا اللَّهُ مِنَ الشَّهَادَةِ انْتَهَى
وَقَالَ صَاحِبُ سُبُلِ السَّلَامِ مَوْضِعُ الْإِشَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى
وَقَالَ الطِّيبِيُّ فِي شرح قوله وأشار بالسبابة في حديث بن عُمَرَ أَيْ رَفَعَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إِلَّا اللَّهُ لِيُطَابِقَ الْقَوْلُ الْفِعْلَ عَلَى التَّوْحِيدِ انْتَهَى
وَقَالَ علي القارىء فِي الْمِرْقَاةِ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ الطِّيبِيِّ هَذَا وَعِنْدَنَا يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ يَرْفَعُهَا عِنْدَ لَا إِلَهَ وَيَضَعُهَا عِنْدَ إِلَّا اللَّهُ لِمُنَاسَبَةِ الرَّفْعِ لِلنَّفْيِ وَمُلَاءَمَةِ الْوَضْعِ لِلْإِثْبَاتِ وَمُطَابَقَةً بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ حَقِيقَةً انْتَهَى
قُلْتُ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى الْإِشَارَةِ مِنِ ابْتِدَاءِ الْجُلُوسِ وَلَمْ أَرَ حَدِيثًا صَحِيحًا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ السُّبُلِ سَنَدَهُ وَلَا لَفْظَهُ فَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَيْفَ حَالُهُ