بِأَحَادِيثِ الْبَابِ الْقَائِلُونَ إِنَّ الْمَأْمُومَ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي الصَّلَاةِ قَاعِدًا وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَأْمُومُ معذورا
وممن قال بن حَزْمٍ وَبِهَذَا نَأْخُذُ إِلَّا فِيمَنْ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْإِمَامِ يُذَكِّرُ النَّاسَ وَيُعْلِمُهُمْ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَبَيْنَ أن يصلي قائما
قال بن حَزْمٍ وَبِمِثْلِ قَوْلِنَا يَقُولُ جُمْهُورُ السَّلَفِ ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ يُعْرَفُ فِي الصَّحَابَةِ وَرَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّاسَ إِلَّا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا صَلَّى مَنْ خَلْفَهُ قُعُودًا قَالَ وَهِيَ السُّنَّةُ عَنْ غير واحد وقد حكاه بن حِبَّانَ أَيْضًا عَنِ الصَّحَابَةِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ وَعَنْ قَيْسِ بْنِ فَهْدٍ أَيْضًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَبِي أَيُّوبَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيِّ وَأَبِي خَيْثَمَةَ وبن أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ عِنْدِي ضَرْبٌ مِنَ الْإِجْمَاعِ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَى إِجَازَتِهِ لِأَنَّ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أربعة أَفْتَوْا بِهِ وَالْإِجْمَاعُ عِنْدَنَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يرووا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافًا لِهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ لَا بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ وَلَا مُنْقَطِعٍ فَكَأَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا كَانَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ أَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا وَقَدْ أَفْتَى بِهِ مِنَ التَّابِعِينَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَصْلًا خِلَافُهُ لَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا وَاهٍ فَكَأَنَّ التَّابِعِينَ أَجْمَعُوا عَلَى إِجَازَتِهِ
قَالَ وَأَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ قَاعِدًا إِذَا صَلَّى إِمَامُهُ جَالِسًا الْمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ صَاحِبُ النَّخَعِيِّ وَأَخَذَ عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ثُمَّ أَخَذَ عَنْ حَمَّادٍ أَبُو حَنِيفَةَ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ مَنْ كَانَ بَعْدَهُ من أصحابه انتهى كلام بن حِبَّانَ
وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ خِلَافَ ذَلِكَ وَحَكَى النَّوَوِيُّ عن جمهور السلف خلاف ما حكى بن حزم عنهم وحكاه بن دَقِيقِ الْعِيدِ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ
وَقَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ مَا لَفْظُهُ وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُصَلُّونَ قِيَامًا وَلَا يُتَابِعُونَ الْإِمَامَ فِي الْجُلُوسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute