القارىء وَغَيْرُهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ الصُّوفِيَّةِ وَلَوْ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيُقَالُ بِاسْتِحْبَابِ السِّوَاكِ عِنْدَ نَفْسِ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ الصُّوفِيَّةِ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَهُوَ الرَّاجِحُ فَقَدْ حَمَلَهُ راوية زيد بن خلد الْجُهَنِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ أَسْمَاءِ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ ثَابِتٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُوكُهُمْ عَلَى آذَانِهِمْ يَسْتَنُّونَ بِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ وَرَوَى عن بن أبي شيبة عن صالح بن كيسا أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَرُوحُونَ وَالسِّوَاكُ عَلَى آذَانِهِمْ
قَالَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ شَمْسُ الْحَقِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ مَا لَفْظُهُ
وَأَحَادِيثُ الْبَابِ مَعَ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ والنسائي وصححه بن خُزَيْمَةَ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ السِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَعِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ الْعِبَارَةِ بِأَنْ يُقَالَ أَيْ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَصَلَاةٍ كَمَا قَدَّرَهَا بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بَلْ فِي هَذَا رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ وَهِيَ السِّوَاكُ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي عَمَلُهُ فِي الْمَسَاجِدِ لِأَنَّهُ مِنْ إِزَالَةِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ
وَهَذَا التَّعْلِيلُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ دَلَّتْ عَلَى اِسْتِحْبَابِهِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يُعْمَلَ إِلَّا فِي الْمَسْاجِدِ حَتَّى يَتَمَشَّى هَذَا التَّعْلِيلُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَاكَ ثُمَّ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ كَمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ حَتَّى يَسْتَاكَ
انْتَهَى
وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ جَازَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَسْتَاكَ ثُمَّ يَدْخُلَ وَيُصَلِّيَ وَلَوْ سَلَّمَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْ إِزَالَةِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ كَيْفَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ كَانَ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ وَسِوَاكُهُ عَلَى أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ لَا يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا اِسْتَنَّ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَوْضِعِهِ وَأَنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سُوكُهُمْ خَلْفَ آذَانِهِمْ يَسْتَنُّونَ بِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ وَأَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَرُوحُونَ وَالسِّوَاكُ عَلَى آذَانِهِمْ
قُلْتُ كَلَامُ الشَّيْخِ شَمْسِ الْحَقِّ هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ طَيِّبٌ لَكِنَّ صَاحِبَ الطِّيبِ الشَّذِيِّ لَمْ يَرْضَ بِهِ فَنَقَلَ شَيْئًا مِنْهُ وَتَرَكَ أَكْثَرَهُ ثُمَّ تَفَوَّهَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَهُ الْمَذْكُورَ أَوْ لَهُ تَعَصُّبٌ شَدِيدٌ يَحْمِلُهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا التفوه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute