وَمِنْهُمُ الطَّحَاوِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَاسْتَدَلَّ الْمَانِعُونَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ يَعْنِي الصَّلَاةَ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ مَنْ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ إِشَارَةً تُفْهَمُ عَنْهُ فَلْيُعِدْهَا يَعْنِي الصَّلَاةَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ فَإِنَّ فِي سَنَدِهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ بِالْعَنْعَنَةِ
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ بَعْدَ رِوَايَتِهِ هَذَا الْحَدِيثَ وَهْمٌ
وَقَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ حَدِيثِ مَنْ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ إِشَارَةً يُفْهَمُ عَنْهُ فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَا يَثْبُتُ إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ قال بن أَبِي دَاوُدَ وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو غَطَفَانَ قَالَ بن أَبِي دَاوُدَ هُوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ قَالَ وَآخِرُ الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ وَالصَّحِيحُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ قُلْتُ وَلَيْسَ بِمَجْهُولٍ فَقَدْ رَوَى عنه جماعة ووثقه النسائي وبن حِبَّانَ انْتَهَى
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِأَنَّ الرَّدَّ بِالْإِشَارَةِ مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ كَلَامُ مَعْنًى وَقَدْ نُسِخَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ كَوْنَ الْإِشَارَةِ فِي مَعْنَى الْكَلَامِ بَاطِلٌ قَدْ أَبْطَلَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ رِوَايَةً وَدِرَايَةً مَنْ شَاءَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ
وَأَجَابُوا عَنْ أَحَادِيثِ الباب بأنها كان قَبْلَ نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مَرْدُودٌ إِذْ لَوْ كَانَتْ قَبْلَ نَسْخِ الْكَلَامِ لَرُدَّ بِاللَّفْظِ لَا بِالْإِشَارَةِ
قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ يؤيده حديث بن مَسْعُودٍ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَلَمْ يَقُلْ فَأَشَارَ إِلَيْنَا وَكَذَا حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي
فَلَوْ كَانَ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ جَائِزًا لَفَعَلَهُ
وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْإِشَارَةِ لَوْ لَمْ تَكُنْ بَعْدَ نَسْخِهِ لَوَدَّعَهُ بِاللَّفْظِ إِذِ الرَّدُّ بِاللَّفْظِ وَاجِبٌ إِلَّا لِمَانِعٍ كَالصَّلَاةِ فَلَمَّا رُدَّ بِالْإِشَارَةِ عُلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ الْكَلَامِ
قَالُوا وأما حديث بن مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ فَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الرَّدِّ فِيهِ بِالْكَلَامِ بدليل لفظ بن حبان في حديث بن مَسْعُودٍ
وَقَدْ أُحْدِثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ
وَأَجَابُوا أَيْضًا عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ إِشَارَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِلنَّهْيِ عَنِ السَّلَامِ لَا لِرَدِّهِ
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ أَحَادِيثُ الْبَابِ تَرُدُّهُ وَتُبْطِلُهُ