قَوْلُهُ (الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْحَتْمُ اللَّازِمُ الْوَاجِبُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ انْتَهَى (وَلَكِنْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ جَعَلَهُ مَسْنُونًا غَيْرَ حَتْمٍ (إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْوِتْرُ الْفَرْدُ وَتُكْسَرُ وَاوُهُ وَتُفْتَحُ فَاللَّهُ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ وَالتَّجْزِئَةَ وَاحِدٌ فِي صِفَاتِهِ فَلَا شِبْهَ لَهُ وَلَا مِثْلَ وَاحِدٌ فِي أَفْعَالِهِ فَلَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا مُعِينَ (يُحِبُّ الْوِتْرَ) أَيْ يُثِيبُ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُهُ مِنْ عَامِلِهِ
قَالَ الْقَاضِي كُلُّ مَا يُنَاسِبُ الشَّيْءَ أَدْنَى مُنَاسَبَةٍ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ تِلْكَ الْمُنَاسَبَةُ (فَأَوْتِرُوا) أَمْرٌ بِصَلَاةِ الْوِتْرِ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ مَثْنَى مَثْنَى ثُمَّ يُصَلِّيَ فِي آخِرِهَا رَكْعَةً مُفْرَدَةً أَوْ يُضِيفَهَا إِلَى مَا قَبْلَهَا مِنَ الرَّكَعَاتِ كَذَا في النهاية
قال بن الْمَلَكِ الْفَاءُ تُؤْذِنُ بِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قَالَ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا انْتَهَى (يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ) أَيْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِهِ فَإِنَّ الْأَهْلِيَّةَ عَامَّةٌ لِمَنْ آمَنَ به سواء قرأ أم لم يقرأ وإن كَانَ الْأَكْمَلُ مِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ وَحَفِظَ وَعَلِمَ وَعَمِلَ شَامِلَةٌ مِمَّنْ تَوَلَّى قِيَامَ تِلَاوَتِهِ وَمُرَاعَاةَ حدوده وأحكامه
قوله (وفي الباب عن بن عمر وبن مسعود وبن عباس) أما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بَلَاغًا أَنَّ رجلا سأل بن عُمَرَ عَنِ الْوِتْرِ أَوَاجِبٌ هُوَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْتَرَ الْمُسْلِمُونَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ وَعَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْتَرَ الْمُسْلِمُونَ وَأَمَّا حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ لَكَ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ
وَفِي رِوَايَةٍ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ لست من أهله
وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ النَّحْرُ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الضُّحَى
هَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا بَيَّنَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَفِي الْبَابِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ قَالَ الْوِتْرُ حَسَنٌ جَمِيلٌ عَمِلَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute