قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ بِأُذُنَيْهِ أَيْ لقرب صلاته من الأذان والمراد به ها هنا الْإِقَامَةُ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يُسْرِعُ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِسْرَاعَ مَنْ يَسْمَعُ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ خَشْيَةَ فَوَاتِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا فَيَحْصُلُ بِهِ الْجَوَابُ عَنْ سُؤَالِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا قَالَ وَقَوْلُهُ بِسُرْعَةٍ هُوَ تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي لِقَوْلِهِ كَأَنَّ الْأَذَانَ بِأُذُنَيْهِ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْقَاضِي الْمُرَادُ بِالْأَذَانِ هُنَا الْإِقَامَةُ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى شِدَّةِ تَخْفِيفِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَالْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي أَيُّوبَ وبن عَبَّاسٍ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ الْحَدِيثَ
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ بِلَفْظِ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ مَثْنَى مَثْنَى وَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ
وَأَمَّا حَدِيثُ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَفِيهِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى صَلَّى عَشْرَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى سَجْدَةً فَأَوْتَرَ بِهَا وَنَادَى الْمُنَادِي عِنْدَ ذَلِكَ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فَجَعَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنِ الفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَالنَّاسُ إِنَّمَا رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا انْتَهَى
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ والنسائي وبن مَاجَهْ عَنْهُ مَرْفُوعًا الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أن وقفه هو صواب
وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أبي مجلز سألت بن عَبَّاسٍ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ اخر الليل
قوله (حديث بن عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ رَأَوْا أَنْ يَفْصِلَ الرَّجُلُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَبِحَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ